الأحد، 28 فبراير 2010

احمد الله يا صديقي ...وترى الحياة حلوه





اتصل بي زميل اليوم وهو في قمة سخطه بسبب زيارة ثقيلة قام بها احد الثقلاء له في مكتبه ، وهذا الزميل معروف في وسطنا بخفة الظل وقدرته العجيبة على التعامل مع أي موقف بسهولة ، ولكن يتضح من التبرم الشديد الذي بدا واضحا من نبرة صوته ان الزيارة السخيفة كانت من النوع الذي يسبب تلعبك المعدة وتعكر المزاج ، وهكذا كانت حالته على الرغم من تواجده بجانب البحر الذي لم يتمكن ان يعيده الى سابق عهده ، وحتى أعيد أخينا الى هدوءه ، وهو ما كان يبحث عنه ، أبلغته بان حكمة الله قضت أن تشاهد فاصلا واحدا من مشهد لمسرحية طويلة تتكرر يوميا لمن يعملون تحت إدارة ذلك الشخص ، وللأسف نسي المخرج ان يضع لها نهاية كما يجب ، وانه حق عليك ان تشكر الله وتحمده وترفع له سبحانه اكف الضراعة شاكراً وممتنا فضله عليك بان وقاك من بيئة عملية غير صحية يتمرغ فيها غيرك .

ذلك الرجل فتح مع صديقي مواضيع تافهة ولا تليق برجل في سنه ومنصبه ، و منها بعض الآراء العنصرية البغيضة التي يعلنها في كل مكان ، فهو معروف بكرهه الشديد لكل ما يمت بصله لجنوب بلادنا او غربها الغالية على كل قلب وطني مخلص ، كما انه طالما يشن هجومه الشنيع وألفاظه البذيئة عن مواطنينا وأحبائنا في شرق البلاد ..وبالأخص طريقة الكلام وكيفية اللبس ، وهما من مكونات نسيج بلدنا متنوع العادات والتقاليد الذي نفاخر به جميعنا .

الغريب انه بعد ان أنهيت مكالمتي مع ذلك الزميل دخل علي زميل آخر وكان يشتكي من خشونة تعامل ذلك الرجل (هو نفسه ثقيل الظل ) له عندما حادثه تلفونيا لشأن ما ، وعرفت منه انه ابلغه بان عليه ان يحمد الله لأنه يرد على اتصاله ويحادثه على غير عادته ، حيث انه لا يرد على اتصال أي شخص مهما كانت الأسباب..، فأبلغته بأنني أتوقع انه لا يوجد من يتصل به فعلا لسوء طبعة وقسوة ألفاظه وعدم منطقية أفكاره وضحالة ثقافته ، فلا خير منه يرتجى ولا عون منه ينتظر ، وفي النهاية طلب مشورتي حول ما يجب عليه اتخاذه في موضوع يخصه ويتحكم فيه ذلك الرجل ...

هل لاحظتم كيف يمكن النظر الى المواقف المختلفة الصادرة من أناس الغوا كل الجوانب الإنسانية في تعاملهم مع الغير ؟؟ انا اعرف ان تحليلي للمواقف كان يتم وانا استمع للقصص والمواقف التي حدثت مستمتعا بقهوتي الكولومبية اللذيذة ، بمعنى ان لدي الوقت الكافي للتفكير ومن ثم الاستنباط ... بعكس الزملاء الذين كانوا تحت ضغط الموقف حيث لا وقت لرد فعل مناسب ....

تذكرت الفوارق بين الناس من خلال موقفا ذكره لي زميل آخر، والموقف لشخص يعرفه الكثيرين ويتميز بالنبل وحسن خلق والأدب الجم ورقي الفكر وذا ذوق رفيع ، حيث قيل لي انه كان في مكان عام وعندما همّ بالمغادرة فتح باب سيارته ووضع رجله اليمنى داخل السيارة استعدادا لإتباعها بالأخرى ، لكنه سمع احدهم يرغب في الحديث معه ليعرض عليه موضوع ما ، فوقف على تلك الحالة (لم ينزل رجله اليمنى ولم يتبعها بالأخرى) مصغيا باهتمام ولمده تزيد عن (15) دقيقه ...

هكذا هي الحياة يا صديقي ...فيها من كل أصناف البشر ، ومن المواقف والتعاملات ما يزيدها غموضا وحلاوة ...ولولا تلك الاختلافات لما ميزنا بين ما يعترضنا في حياتنا ...وصدقني ان الحياة حلوه حتى وان كان فيها مرارة..

تقبلوا تحياتي

محمد بن يحي الجديعي

الرياض ‏28‏/02‏/2010

ليست هناك تعليقات: