الأربعاء، 2 يوليو 2008

تحليل الأخبار



تحليل الأحداث عملية معقدة جداً ولا تتبع نظام موحد وثابت ، وحيث أن جميع المعلومات المسموعة والأحداث المشاهدة تتكون في الغالب من حقائق كاملة وأنصاف الحقائق وأكاذيب وأحداث ملفقة . لذا فأن عملية استخلاص الحقيقة أو الوصول إلى المصادر النزيهة الصادقة أمر غير ميسر و صعب .

ما هو المصدر الذي يمكن الاعتماد عليه ؟

غالباً أي صحفي أو كاتب يكتب وهو لا يملك المواد الأساسية التي يكتبها ،إلاّ إذا كان شاهد عيان هو نفسه ، ونظراً لصعوبة تواجده في مكان الحدث دائماً فأنه لا بد من وجود مصدر ما يمده بالمعلومات ، وحالياً في العالم المؤسسات الإعلامية هي التي تقوم بعملية جمع المعلومات وتحليلها ، وما على القارىء إلا قراءه العناوين الرئيسية أو متابعة أخبار المساء والصباح ليعرف كل جديد .
كثير من الناس يعتقد أنه بقراءاته السريعة للعناوين يعرف كل شي ، ولكن الحقيقة غير ذلك ، حيث أن الكاتب أو الصحفي يقوم أحيانا بحذف بعض العبارات والتفاصيل لأسباب قد تتعلق بالمدة أو المكان المسموح له أو رغبة منه في تغيير وجهه نظر القارىء ، أما بإقناعه بفكره أو إلغاء أخرى من عقله ، لذا يلزم دائماً البحث من مصدر موثوق للأخبار التي يتلقفها .
لكن السماع لأخبار الساعة التاسعة مساءً مثلاً ( بتوقيت في المملكة ) ، تجد أن الأخبار متشابهة إلى حد بعيد في العناوين الرئيسية ، ولكن أثناء تفصيل الأخبار تظهر الفوارق بين المحطات المختلفة ، حيث تقوم كل منها بوضع بصمتها وتوجهاتها في ثنايا الخبر . حتى أنك تستطيع أن تحدد توجه تلك المحطات من عبارات المذيع أو المراسلين .
أن قراءة العناوين الرئيسية في صحفنا اليومية والصحف الأخرى مثل (الحياة ، الشرق الأوسط ) تكاد تكون متشابهة أو متطابقة ولكن الاختلاف يبدأ في قراءة كامل الخبر بتأن والتدقيق في الكلمات والعبارات التي يحاول الكاتب أخذ القاري إلى المكان الذي يرغبه هو ، وليس للمكان كما يجب أن يكون فيه .

ما هو الحل إذا ؟ هناك عدد من الخطوات يجب إتباعها للوصول إلى الحقيقة ومنها ما يلي :

أولاً : لا تصدق كل ما تقرأه على الانترنت . إن وجود مصدر آخر للأخبار كالانترنت جانب إيجابيي ولكن توجهات تلك المواقع ومصداقيتها أيضاً يجب إخضاعها لمعايير فحص للمصداقية ، بل أن أهم المواقع الإخبارية والتي يصرف عليها كثيراً ، هي من يتطلب التدقيق في أخبارها إذا أنها تتأثر بشدة بمصدر دعمها وتمويلها غير المعروفة للقارىْ البسيط .

ثانياً : التعليم والتجارب الشخصية : يجب على أي شخص عدم قبول أي شيء يسمعه أو يراه في الأخبار على أنه حقيقة مطلقة ،قبل أن يقوم بمقارنته وعرضه على ما يعرفه مسبقاً من حقائق ثابتة . لأنه كلما زادت معارف الشخص وقراءاته وخبراته كلما زادت الصعوبة في إقناعه بالكثير من الأخبار أو الأفكار.

وبصرف النظر عن الخلفية الثقافية للأشخاص فإن أحسن طريقة للتفكير الفعال هو البدء في قراءة اختلاف وجهات النظر حول مختلف المواضيع ، وبالأخص عندما يظهر تباين كبير في وجهات النظر أو تضاد .
الخبرات الشخصية في الحياة قد تكون آلة تحليل جيدة لكل شخص ، فإذا كانت المعرفة والخبرة الخاصة ترى موضوعاً بطريقة تخالف تلك التي يسمعها أو يشاهدها أو يعلن عنها في منظومة معينة ، فإنها تعطي على الأقل مؤشراً عن كيفية عمل تلك المنظمة او كذبها وضرورة اتخاذ موقف تمحيصي ضدها وما يصدر عنها .
ثالثا : استخدام المنطق . لا يكفي أن يستوعب الشخص الحقائق المطلقة ، ولكن عليه تعلم كيفية تمحيص تلك الحقائق والمعلومات لتعكس النظرة العالمية للموضوع ، كثير من الناس يستنتج استنتاجات صحيحة مبنية على أساس منطقي بمجرد تحليل بسيط لمعلومات أولية، مع أنه في عالم اليوم المليء بالتعقيدات المختلفة والتضليل والخداع وأحياناً الكذب المتعمد ، قد يصعب التحليل السريع للأحداث وقد تكون عدم القدرة للوصول إلى مصادر معلومات وحقائق أحد أهم العوائق التي تمنع الوصول إلى استنتاجات منطقية .

ما هي النظرة الصحيحة للعالم ؟

لا يوجد منظار موحد ينظر من خلاله للعالم ، ولا أحد يعرف تماماً كيف تدار الأمور في عالمنا اليوم ، أو كيف يعمل هذا العالم في جميع المجالات (الاقتصادية ، السياسية ، البيئية ،العلمية ، القانونية ،وخلافه) ومن الذي له اليد الطولي في التحكم في مقاليد الأمور ، هل هم أصحاب الأموال والقوة ؟
أم أنهم من يجلس على أعلى الهرم في الدول ويملكون القوى العسكرية والأساطيل التي تجوب المحيطات والبحار ؟
أم أنه تصادم قوى تمتلك ترسانات نووية يمكنها نسف الكرة الأرضية برمتها ؟
الحقيقة أن العالم يحتاج إلى بعضه البعض في جوانب متعددة ويبحث الكل عن مصالحة الخاصة ، والإعلام إحدى الوسائل التي من خلالها تستطيع الدول تحقيق رغباتها .وهي من القوى الوطنية السهلة (SOFT POWER) .
الخطأ الذي يقع فيه الكثير أنهم يعتقدون أنهم وحدهم مشاعل الهدى .وأنهم الأكثر معرفة بطريق الحقيقة ، وأنهم الأكثر ذكاءً بين شعوب الأرض ، وان لهم كل الحق في لي ذراع الحقيقة ،أو حجب الشمس بغربال .
لكن يجب أن يكون الإعلام وسيلة لمعرفة الآخر ، بخيره وشره ، صدقه وكذبه ، باطنه وظاهره ، وأن تكون الاستفادة من الإعلام لخير ومصلحة المجتمعات المختلفة في خلفياتها الثقافية والدينية والعقائدية والاجتماعية ، وأن يكون التحليل منطقياً واقعياً بعيداً عن الآمال والأماني . وأن نعي أنه كما كانت الصورة للأحداث واضحة كلما زادت القدرة والاستعداد لمواجهة أسوء الاحتمالات .