الأحد، 28 فبراير 2010

احمد الله يا صديقي ...وترى الحياة حلوه





اتصل بي زميل اليوم وهو في قمة سخطه بسبب زيارة ثقيلة قام بها احد الثقلاء له في مكتبه ، وهذا الزميل معروف في وسطنا بخفة الظل وقدرته العجيبة على التعامل مع أي موقف بسهولة ، ولكن يتضح من التبرم الشديد الذي بدا واضحا من نبرة صوته ان الزيارة السخيفة كانت من النوع الذي يسبب تلعبك المعدة وتعكر المزاج ، وهكذا كانت حالته على الرغم من تواجده بجانب البحر الذي لم يتمكن ان يعيده الى سابق عهده ، وحتى أعيد أخينا الى هدوءه ، وهو ما كان يبحث عنه ، أبلغته بان حكمة الله قضت أن تشاهد فاصلا واحدا من مشهد لمسرحية طويلة تتكرر يوميا لمن يعملون تحت إدارة ذلك الشخص ، وللأسف نسي المخرج ان يضع لها نهاية كما يجب ، وانه حق عليك ان تشكر الله وتحمده وترفع له سبحانه اكف الضراعة شاكراً وممتنا فضله عليك بان وقاك من بيئة عملية غير صحية يتمرغ فيها غيرك .

ذلك الرجل فتح مع صديقي مواضيع تافهة ولا تليق برجل في سنه ومنصبه ، و منها بعض الآراء العنصرية البغيضة التي يعلنها في كل مكان ، فهو معروف بكرهه الشديد لكل ما يمت بصله لجنوب بلادنا او غربها الغالية على كل قلب وطني مخلص ، كما انه طالما يشن هجومه الشنيع وألفاظه البذيئة عن مواطنينا وأحبائنا في شرق البلاد ..وبالأخص طريقة الكلام وكيفية اللبس ، وهما من مكونات نسيج بلدنا متنوع العادات والتقاليد الذي نفاخر به جميعنا .

الغريب انه بعد ان أنهيت مكالمتي مع ذلك الزميل دخل علي زميل آخر وكان يشتكي من خشونة تعامل ذلك الرجل (هو نفسه ثقيل الظل ) له عندما حادثه تلفونيا لشأن ما ، وعرفت منه انه ابلغه بان عليه ان يحمد الله لأنه يرد على اتصاله ويحادثه على غير عادته ، حيث انه لا يرد على اتصال أي شخص مهما كانت الأسباب..، فأبلغته بأنني أتوقع انه لا يوجد من يتصل به فعلا لسوء طبعة وقسوة ألفاظه وعدم منطقية أفكاره وضحالة ثقافته ، فلا خير منه يرتجى ولا عون منه ينتظر ، وفي النهاية طلب مشورتي حول ما يجب عليه اتخاذه في موضوع يخصه ويتحكم فيه ذلك الرجل ...

هل لاحظتم كيف يمكن النظر الى المواقف المختلفة الصادرة من أناس الغوا كل الجوانب الإنسانية في تعاملهم مع الغير ؟؟ انا اعرف ان تحليلي للمواقف كان يتم وانا استمع للقصص والمواقف التي حدثت مستمتعا بقهوتي الكولومبية اللذيذة ، بمعنى ان لدي الوقت الكافي للتفكير ومن ثم الاستنباط ... بعكس الزملاء الذين كانوا تحت ضغط الموقف حيث لا وقت لرد فعل مناسب ....

تذكرت الفوارق بين الناس من خلال موقفا ذكره لي زميل آخر، والموقف لشخص يعرفه الكثيرين ويتميز بالنبل وحسن خلق والأدب الجم ورقي الفكر وذا ذوق رفيع ، حيث قيل لي انه كان في مكان عام وعندما همّ بالمغادرة فتح باب سيارته ووضع رجله اليمنى داخل السيارة استعدادا لإتباعها بالأخرى ، لكنه سمع احدهم يرغب في الحديث معه ليعرض عليه موضوع ما ، فوقف على تلك الحالة (لم ينزل رجله اليمنى ولم يتبعها بالأخرى) مصغيا باهتمام ولمده تزيد عن (15) دقيقه ...

هكذا هي الحياة يا صديقي ...فيها من كل أصناف البشر ، ومن المواقف والتعاملات ما يزيدها غموضا وحلاوة ...ولولا تلك الاختلافات لما ميزنا بين ما يعترضنا في حياتنا ...وصدقني ان الحياة حلوه حتى وان كان فيها مرارة..

تقبلوا تحياتي

محمد بن يحي الجديعي

الرياض ‏28‏/02‏/2010

معركة الزلاقة

بسم الله الرحمن الرحيم

معركة الزلاّقة (479هـ 1086م)




1. المقدمة . الحمد لله رب العالمين ،ناصر جنده الموحدين المجاهدين في سبيله رافعين راية الإسلام ضاربين بالسيف أعناق الكفار الملحدين ، أما بعد فان معركة الزلاقه من المعارك الإسلامية الكبيرة والتي كان لها دوراً كبيراً بعد الله في صمود الدولة الإسلامية لعدة قرون أمام المد المسيحي الأسباني الذي سمي فيما بعد بحرب الاسترداد ، ولقد تم بحث هذه المعركة والكتابة فيها من عدد غير قليل من الكتاب والباحثين ،ولكن أما بسرد تاريخي أو بطريقة متحمسة بعيده عن التدقيق في الأمور العسكرية والتخطيطية التي أديرت بها المعركة من الجانبين ،كما أن هذه المعركة ليس لها الشهرة الكبيرة مثل الكثير من المعارك الإسلامية الخالدة في تاريخنا الإسلامي الحافل ، وقد يكون لوقوعها على أطراف الدولة الإسلامية من جهة الغرب وبعدها عن مركز الخلافة الإسلامية دوراً في جهل الكثير من تفاصيل هذه المعركة ، وحيث أن بعض المراجع بالغت كثيراً في بعض الأمور كعدد القوات لدى الطرفين وعدد القتلى والشهداء فقد أخذتُ الأرقام التي تكررت في أكثر من مرجع ،ولا يوجد مرجع واحد يمكن الاعتماد عليه بشكل قاطع على الرغم من أن الأسبانيين لديهم مراجع تختلف قليلاً في محتواها عن المراجع الإسلامية وهذا طبيعي نظراً لاختلاف زاوية الرؤيا لدى الطرفين.المهم أن كثيراً من مبادئ الحرب التي تدرس في الكليات العسكرية اليوم قد تم تطبيقها بعضها أو جميعها من أحد الطرفين أو كلاهما ويمكن معرفة ذلك من خلال ثنايا البحث ، لقد أخذ هذا البحث وقتاً طويلاً لإعداده وإخراجه وذلك بسبب كثرة المراجع التي تم التحقق من بعض التفاصيل فيها ، حتى يظهر البحث بواقعية أكبر آمل أن أكون قد وفقت في جمع ما يفيد القارئ الذي يبحث عن ما يفيد . (إذا كنت وفقت في عملي فذلك منّه من الله سبحانه فله الحمد والشكر ، وان قصرت في جانب فالكمال لله سبحانه وأعتذر لذلك القصور ) وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم .

2. نبذة تاريخية عن الأندلس. عرفت أرض الأندلس العرب في نهاية القرن الأول الهجري وفي مطلع القرن الثامن الميلادي عندما أنطلق مسلمي العرب حاملين رسالة سماوية حضارية تشع نوراً وهداية وينبوعاً لا ينضب للعلوم في وقت كانت أوروبا تغط في ظلام الجهل والتخلف وسيطرة رجال الدين على كل الأمور بمساعدة الحكام والملوك مما زاد الشعوب تخلفاً وظلماً وقهراً.

والأندلس تعبير جغرافي يطلق على البلاد التي تقع جنوب غرب أوروبا ،وقد سكنها بعد الطوفان قوم يعرفون بالأندلش حيث سميت البلاد باسمهم وقد غير العرب الشين سيناً .

في عام 708م حاصر العرب مدينة سبته في المغرب التي كان يحكمها الكونت( يليان) نسيب الملك القوطي (غيطشه )الذي كان يحكم الأندلس فهب الملك وأرسل أشجع جنوده الى سبته لمساعدة يليان ولم يستطع العرب فتح سبته لمناعتها ووجود دفاع محكم حولها ،ولكن خلال هذه الفتره استغل (لذريق) فرصة عدم وجود الجيش فقام بخلع الملك غيطشه وحل ملكا مكانه ، هذا في الوقت الذي كانت المغرب كلها تخضع لسلطان موسى بن نصير* الا أن سبته بقيت منيعة وقويه .كان موسى يتوق دائما الى فتح سبته وتطهيرها من حكامها ،وبينما موسى يفكر في إيجاد وسيلة لفتحها جاءته رسالة من يليان يعرض عليه تسليم سبته ويدعوه أيضا لفتح أسبانيا ، وذلك سعيا منه لاسترداد مملكة نسيبه غيطشه في أسبانيا حيث كان يعتقد أن العرب إذا ما استولوا على غنائم كبيره سيعودون أدراجهم إلي المغرب ،وقد اجتمع موسى مع يليان على ظهر سفينة بعرض البحر ،ثم بعث موسى ببعثة استكشافية لجمع المعلومات عن طبيعة الأرض والحالة السياسية والاجتماعية العامة في بلاد الأندلس ،وقد كانت الحملة بقيادة "طريف بن مالك البربري " المكنى بأبي زرعة ،وفي نفس الوقت إتصل بالخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وأطلعه بنيته فتح الأندلس فكتب له الخليفة بأن يقوم باختبار إمكانية فتح أسبانيا بالحملات الصغيرة وألا يقذف بالمسلمين في لجج البحر .

كانت تلك الحملة في رمضان عام 91 هـ وكانت تتألف من (500) مقاتل بينهم (100 ) فارس عبروا المضيق على ظهر( 4 ) سفن قدمها لهم يليان وقد نزلت بجزيرة طريفة التي سميت ولا تزال باسمه ثم إجتاحت الجزيرة الخضراء في طريقها إلي داخل الأندلس وقد قوبلت بترحاب كبير ثم عادت محملة بغنائم كثيرة دفعت موسى بن نصير بأن يقوم بعملية الغزو وفتح الأندلس، وقد جهز جيشا بلغ تعداده (7000 )مقاتل جلهم من البربر بقيادة طارق بن زياد بن عبد الله النفري* وقد كان حاكماً لطنجة وهو من أنجح القادة حيث ظهرت مواهبه العسكرية أثناء توليه ولاية طنجة ، ولقد كان دور يليان كبيرا في تجهيز الجيش والتعريف ببعض تضاريس المنطقة وقد نزل طارق بالجبل الذي سمي باسمه حتى اليوم نهار الاثنين 5. رجب 92هـ .



استمر تقدم طارق يفتح القلاع ويهزم القوط حتى تم إبلاغ الملك لذريق الذي كان مشغولا بالجبهة الشمالية فعاد مسرعاً لطليطلة مقر حكمه وجهز جيشاً كبيراً لمواجهة المسلمين ،وعندما عرف طارق بحجم جيش العدو أستنجد بموسى بن نصير فدعمه ب(5000 مقاتل) من المسلمين العرب والبربر وقوة صغيرة من قوات يليان وحدثت المعركة التي كانت تعتبر هي القاصمة للقوط وقد تمكن المسلمون من إحراز نصر حاسم في معركة وادي (لكة) وذلك في يوم الأحد 28 رمضان 92 هـ الموافق يوليو (تموز) 711م . بعدها قامت القوات المسلمة بالانتشار والاستيلاء على المدائن الأسبانية في الجنوب حتى دخلت طليطله في أوائل عام 93هـ .


أما إبن كثير في البداية والنهاية فانه يذكر أنه في سنة 92 للهجرة غزا طارق بن زياد مولى موسى بن نصير بلاد الأندلس وقاتل ملكها لذريق الذي قابله في جحافله وعليه تاجه ومعه سرير ملكه فهزمه طارق بن زياد وغنم ما في معسكره وقال بن كثير " كان طارق بن زياد أمير طنجة وهي أقصى بلاد المغرب وكان نائباً لمولاه موسى بن نصير فكتب إليه صاحب الجزيرة الخضراء يستنجد به على عدوه فدخل طارق إلي جزيرة الأندلس من زقاق سبته وانتهز الفرصة لكون الفرنج قد اقتتلوا فيما بينهم وأمعن طارق في بلاد الأندلس فافتتح قرطبة وقتل ملكها (ادرنيوق) وكتب الى موسى بن نصير يخبره بالفتح ، فحسده موسى على الانفراد بهذا الفتح ، وكتب الى الوليد بن عبد الملك يبشره بالفتح وينسبه الى نفسه وكتب الى طارق يتوعده لكونه دخل بغير إذنه ويأمره بأن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به ثم سار إليه مسرعا بجيوشه فدخل الأندلس ومعه حبيب بن أبي عبيد الفهري فأقام سنتين يفتح بلاد الأندلس ويأخذ المدن والأموال ويقتل الرجال ويأسر النساء والأطفال فغنم شيئا لا يحد ولا يوصف ولا يعد من الجواهر واليواقيت والذهب والفضة " •



ويرى الباحث أن المقولة المشهورة ( أيها الناس البحر من خلفكم ، والعدو من أمامكم ……….) التي يذكر أن طارق بن زياد قالها بعد نزوله الى اليابسة اثر حرقه للسفن التي إجتاز بها المضيق غير صحيحة مطلقاً لعدة أسباب ومنها ما يلي :

1. عرف عن طارق بن زياد الحكمة وبعد النظر والانضباط والثقه بنصر الله له ثم ثقته بجنوده التي لا حدود لها والدليل تململهم أثناء الزج به في السجن بعد مقابلة موسى بن نصير ولم يعرف عنه التهور وعدم حساب عواقب ما يقوم به.

2. لم يكن هناك أي عدو عند نزوله الى الأندلس وأقرب معركة خاضها هي بعد نزوله بحوالي شهرين وثلاثة وعشرون يوماً بل أن الأندلسيون كانوا فرحين بقدوم القوات المسلمة التي ستريحهم من ظلم وجور قوات لذريق .

3. مكان أول معركة مع الملك لذريق يقع في (وادي لكه ) يبعد عن ساحل البحر بمسافة كبيرة.

4. لم يذكر في أي مصدر تاريخي موثوق به أنه قام بهذا العمل .

5. السفن التي عبر بها بحر سبته (مضيق جبل طارق ) لم تكن لطارق أو من أموال المسلمين ، ولكنها ملك لحاكم سبته ( يليان) وبالتالي ليس من حق طارق أن يحرق ما ليس في ملكه .

المهم أن الحكم العربي الإسلامي للأندلس دام فترة طويلة تعاقب عليها الولاة من بني أميه وقد أذعنت كل البلاد للمسلمين وواصلوا الفتوحات حتى وصلوا الى جنوب فرنسا وما وراء جبال (البرانس ).

وقد شبه فتح الأندلس من قبل المسلمين باللإنهيار السريع في الأندلس حيث ذكر وجود خيانات في صفوف الجيش التابع لملك القوط وكذلك ما قام به (يليان ) من دعم مادي ومعنوي وقيل أنه هو صاحب الفكرة الأساسية لغزو الأندلس انتقاما من خلع نسيبه (غيطشه) من قبل (لذريق) ، كما ذكر أنه كان هناك نقمه شعبيه وغضب وسخط عارمين يغليان في صدور الأندلسيين والشعب الأسباني من جراء ما كانوا يلقونه من ظلم وقهر وجور حكامهم لهم مما دفعهم للترحيب بالقوات المسلمة وتقديم الدعم والمساندة لها ، وكذلك ذكر أن للأوضاع الاقتصادية السيئة وما يلقاه المواطن العادي من أصحاب الأراضي والإقطاعيين الأسبان دورا في تقبل الغزو لعل الأحوال تتعدل على أيدي القوات المسلمة ، ولكن كثيراً من المؤرخين في تلك الفترة نسوا أن الجيش الإسلامي انطلق يحمل نوراً وعدلاً وهداية ومتسلحاً بإيمان قوي وعزيمة راسخة كما أنه قد كسب خبرة كبيرة ويتمتع بحاله معنوية عالية بدليل وصوله الى تلك المناطق فاتحاً محققاً الانتصارات المتتالية يجابه المخاطر الجسيمة بكل شجاعة وإقدام فأما النصر أو الشهادة .

3.الحالة السياسية والاجتماعية في الأندلس قبل معركة الزلاقة .

     أ‌. حالة المسلمين .

إن من يقرأ تاريخ المسلمين في الأندلس في الفترة التي تسبق المعركة يجد أن الوضع العام لم يكن مستقرا ، وكانت الأوضاع أما معارك وقتال مع الأعداء على أطراف الدولة الإسلامية بسبب الحروب التي يسميها الأسبان حروب الاسترداد ، أو صراع داخلي وقتال بين الطوائف الإسلامية نفسها بسبب رغبة كل حاكم في السيطرة والانفراد بالحكم ،وقد كان لهذا السبب الأثر الكبير في تفتيت القوى وتشتيتها و إضعاف البنى الأساسية وشغل المسلمين عن التهيؤ وبناء الجيوش للغزو أو لصد أعداء الأمة على أقل تقدير .


فبعد أن كان الأمويون ينشرون وحدة شرعية على كافة أرجاء الأندلس قامت دول الطوائف فكان هناك عرب ،وبربر، ومولدين ،ومستعربين كل منها له توجهاته واهتماماته التي تتنافر مع الأخرى ، فتناحرت هذه الدول فيما بينها ،وانفصمت عرى الوحدة وقامت دوله في كل مدينه حتى وصلت الى ثلاث وعشرون دولة صغيرة وتلقب حكامها بألقاب الخلفاء ، يقول الشاعر العربي ابن رشيق :

ما يزهدني في أرض أندلسي سماع مقتدر فيها ومعتضـــد

ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاضا صولة الأسد

ويقول ابن الخطيب :

حتى اذا سلك الخلافة انتثر وذهب العين جميعا و الأثـر

قام بكل بقعـــة مليك وصاح فوق كل غصن ديك

ويقول القائد الأسباني الفونسو السادس لرسول المعتمد ابن عباد * {كيف أترك قوما مجانين تسمى كل واحد منهم باسم خلفائهم وملوكهم وأمرائهم ، المعتضد ، والمعتمد ، والمعتصم ، والمتوكل ، والمستعين ، والأمين ، والمأمون ،وكل واحد منهم لا يسل في الذب عن نفسه سيفا ولا يدفع عن رعيته ضيما ولا حيفا ، قد أظهروا الفسوق والعصيان ، واعتكفوا على المغاني والعيدان}•

ان أكبر دليل على معانات الدولة الإسلامية في الأندلس من الطائفية والقبلية ما حدث في معركة بلاط الشهداء في جنوب فرنسا ، حيث مني المسلمين فيها بخسائر جسيمة جراء الصراع الداخلي بين صفوف الجيش الإسلامي وبالأخص بين العرب والبربر .

كما أن انغماس الحكام الجدد في دول الطوائف في الملذات وما يحدث في دولهم من جراء الفساد والظلم جعل الكثير منهم يحالف النصارى ضد إخوانه المسلمين في الدول المجاورة ويدفع لهم الجزية مقابل الاحتفاظ بعروشهم الواهية من خلال المرتزقة النصارى الذين يُدفع لهم مقابل حماية الحاكم من مواطنيه ، كل ذلك أدى الى انهيار الحالة المعنوية للشعب الأندلسي المسلم الذي زادت أعباء الحياة عليه وهو يدفع الجزية والضرائب لحكام وأمراء خونه متخاذلين ومبتزين ، بعد أن كان هذا الشعب ينعم بعيش رغيد وحياة مترفة.

أخيرا فان سقوط طليطلة بعد حصار دام سبع سنوات أحدث دويا هائلا في العالم الإسلامي وزاد تدهور الحالة المعنوية للمسلمين في الأندلس وبات المسلمين هناك في حاله من الذهول والضياع وغادروا المناطق المتاخمة للأراضي التي يحتلها الفونسو السادس ،ويمكن ملاحظة حالة الضياع والتشرد الذي حل بأهل الأندلس من أبيات للشاعر عبدالله اليحصبي المشهور بابن العسال الطليطلي حيث يقول :

يأهل أندلسي حثوا مطيتكم فما المقـام بها الا من الغلــط

الثوب ينسل من أطرافه وأرى ثوب الجزيرة منسولا من الوسط

ونحن بين عدو لا يفــارقنا كيف الحياة مع الحـيّات في سفـط



وقد كان للعامل الجغرافي الذي أبعد مركز الحكم الإسلامي عن الأندلس كبير الأثر في أن تكون الحكومات التي تقام بعيده عن الحكم المركزي للخلافة الإسلامية ضعيفة واهنة ،وذلك لأن الجهاد الإسلامي قد تم تعطيله بناءا على رغبات بعض الخلفاء من بني أميه بدءاً بالوليد بن عبد الملك الذي أوقف زحف الجيش الإسلامي في جنوب فرنسا وقد ذكر سببين لقيامه (الوليد) بهذا العمل وهما:

(1) خوفه على المسلمين من مغبة الزحف في أوربا في ظل بعد الجيوش الإسلامي عن قواعد إمدادها ودعمها الرئيسية .

(2) الخشية من أن تقام دوله إسلامية أخرى على غرار الدولة الإسلامية مقر الخلافة ،وبالتالي الانفراد بما حققته الجيوش الإسلامية هناك من غنائم وأسرى.


     ب.حــالة النصارى .

ان عملية إيقاف الجيش الإسلامي وهو يحقق الانتصارات جعل الجيوش النصرانية تسترد أنفاسها وتوحد صفوفها وتعد نفسها للقيام بغارات متواصلة وعنيفة ، وبالأخص بعد زوال دولة بني أمية من الأندلس وقيام دول الطوائف تلك الدول الضعيفة الهشة التي تزلزل عروش بعضها البعض بدوافع بعيده كل البعد عن الوازع الديني ، وقد بدأ الأسبان حملاتهم تلك بدوافع دينيه ورغبه في طرد العرب من الأندلس بدافع قومي ،وكان هذين الدافعين ( الديني ، القومي ) سببين رئيسيين في شن حرب شرسة ضد المسلمين سميت بحروب الاسترداد.

وقد بدأت هذه الحرب على يدي الملك سانشو في بداية القرن الحادي عشر الميلادي ، وذلك بأن وحد الدول النصرانية عن طريق المصاهرة ، وفي الوقت نفسه يشن الحرب بتنظيم جديد ودعم كبير من الكنيسة والإقطاعيين الذين كانوا يمتلكون الأراضي ويخضعون عنوه تحت الحكم الإسلامي ، ثم استمرت تلك الحرب على يد ابنه فرديناند حتى وفاته عام 1065م ، ثم جاء الحفيد الفونسو السادس الذي بدأ التقرب من الكنيسه البابوية في روما رغبة منه في مزيد من الدعم من خلال الخزان الأوربي الكبير الذي كان يمد في نفس الفترة الحملات الصليبية المتجهة الى المشرق (القدس) بل أن البابا "أوربانوس" أصدر أمره للجهاد في أسبانيا واعتبر ذلك الجهاد أعلى مرتبه وأرقى من الجهاد الآخر المتجه الى (القدس) .

كان الفونسو هذا قد لجأ الى طليطلة هربا من أخيه ودخل في خدمة صاحبها ابن ذي النون وتمكن خلال تلك الفترة من معرفة طبيعة الحياة في طليطلة وعرف جميع دروبها ومسالكها ، وبعد أن خرج منها كانت من أوائل المدن التي جهز جيشا كبيرا وضرب حصارا عليها دام سبع سنوات حتى سقطت في عام 1085م الموافق شهر صفر من العام 478 الهجري . [ويرى الباحث أن الفترة الطويلة التي استمر حصار طليطلة فيها والتي امتدت الى سبع سنوات تبين الى أي مدى وصل التخاذل واللامبالاة بين صفوف المسلمين في تلك المرحلة ففي الوقت الذي تلقى القوات النصرانية الدعم الهائل المادي والمعنوي من الكنيسة ، يظل العالم الإسلامي بعيدا عن المحنه الكبيرة للمسلمين في هذه المدينة فيضرب الحصار حولها لمده زمنية طويلة دون أي مبادرة بأي دافع كان لرفع الضيم والشدة التي تعتصر المسلمين هناك ، ولم يكن إخراج المسلمين من الأندلس بعد هذه المحنه إلاّ عملية وقت يتم إخراج المسلمين بعد انتهاءها ].

عندما سقطت طليطلة شعر الفونسو أنه قادر على أن يسقط جميع دول الطوائف التي كانت تعيش حالة من الفوضى والضعف وسوء الحالة المعنوية ، وبدأ يضرب الحصار على المدن ويستولي على القلاع ، ثم بدأ يضغط على الممالك القريبة مثل بطليموس وأشبيليه حيث يرسل لهم الرسل يهدد ويتوعد ويفرض الجزية.


4. الأسباب المباشرة لمعركة الزلاقة .

كان السبب الرئيسي لمعركة الزلاقه هو السلوك والنهج الذي يتبعه الفونسو السادس في التعامل مع المسلمين وذلك بالدافعين المذكورين سابقا ((دافع ديني ،ودافع قومي )) .ساعده في ذلك الضعف العام بين المسلمين وقد أمعن في الإهانة للحكام المسلمين بعد ان رأى الحصون والقلاع والمدن والقرى تتساقط إمام هجماته . فتوجه الى مملكتين متجاورتين مسلمتين كانتا الأكبر من بين دول الطوائف وهما بطليوس وأشبيلية . وقد كانتا تدفعان الجزية له ، ولكن سلوك الفونسو ابي عليه الا ان يضغط عليهما وقد كانت طلباته أوامر تجاب دون تردد . لكن المتوكل بن الأفطس مالك بطليوس كان حازما وشجاعا عندما تصدى لمبعوث الفونسو الذي قدم لاستلام الجزية ويتوعد المتوكل بشر العواقب ان لم يدفع . لكن المتوكل رد عليه وذكره بالماضي القريب وجاء في رساله بعث بها الى الفونسو ما يلي :

(( لو علمت ان لله جنودا عز لهم كلمه الاسلام واظهر بهم دين نبيينا محمد صلى الله عليه وسلم اعزه على الكافرين . واما تعييرك للمسلمين فيما وهي من أحوالهم بالذنوب المركومه ولو اتفقت كلمتنا مع سائرنا من الأملاك علمت أي أصاب أذقناك كما كان آباءك تتجرعه ، بالأمس كانت قطيعه المنصور على سلفك أهدى ابنته اليه مع الذخائر التى كانت تفد كل عام عليه )).•

وكان المتوكل هذا اعلم أمراء الاندلس في تلك الفتره لهذا عهد له بمخاطبه يوسف بن تاشفين ليبادر بغوث المسلمين في الاندلس .

وجه الفونسوا أنظاره الى امارة المعتمد بن عياد في اشبيليه الأمارة الكبيره و القوية على الرغم من ان المعتمد كان قد ارتكب خطأ كبيرا عندما دعم الفونسوا السادس في حصاره لطليطله ، وعندما سقطت طليطله شعر بذلك الخطأ الكبير قرر ان يحطم قوى النصرانيه فكتب للفونسوا ان لا يتعدى حدود طليلطله علما بانه كان يدفع له الجزيه كان الفونسوا قد أجرى معاهدات وشروط ويرغب في أن يراعي تلك المعاهدات وفي الوقت نفسه يرغب في اسقاط اشبيليه فهي اقوى الدول الموجوده . ولم يكن له الا ان يطلب شروطا وأمور يستحيل على المعتمد القبول بها وتنفيذها فقد كان يطلب منه التخلي عن بعض الحصون والقلاع ثم طلب منه ان يسمح لزوجته القمطيه أن تلد داخل جامع قرطبه وذلك بناءا على نصيحة الأساقفة لديه [المسجد بني على أنقاض كنيسة ] و أن تنـزل خلال تلك الفتره في مدينه الناصر(الزهراء) .وقد ارسل اليه اليهودي ابن شالب في خمسمائه فارس لأخذ الجزيه وقد أمعن ذلك اليهودي في أهانه المعتمد فأخذته العزة الإسلامية والعربية والنخوة الأصيلة فقتل الخمسمائة فارس جميعهم وصلب اليهودي ثم عقد العزم بالاستنجاد بالمرابطين في المغرب نظرا لعدم وجود قوى إسلامية يمكن الاستعانة بها وقد طلب من حاكم بطليموس (المتوكل بن الأفطس ) وحاكم غرناطه (عبد الله بلقين الصنهاجي ) ان يشكلوا بعثه من القضاة تحمل رسالة من المعتمد الى يوسف بن تاشفين بالإضافة الى وعظ وترغيب الأمير يوسف في الجهاد وكذلك كان على ابن زيدون وزير المعتمد ابرام العقود والمواثيق وتدوين المحادثات .



5.استعداد قوات الطرفين للمعركه.

    أ .قوات المسلمين :

       (1) كانت مراسلات واجتماعات المعتمد بن عباد مع بعض الدول المجاورة ودعوته ليوسف بن تاشفين بغوث المسلمين في الأندلس بداية استعداد القوى وتجميعها للحرب مع النصارى 0

       (2) بعد مشاورات ومداولات طويلة بين يوسف تاشفين من جهة ومبعوثي الحكام الأندلسيين من جهة أخرى قرر يوسف بن تاشفين تلبية الدعوة وقد تم عبور المضيق في ربيع الأول (479 هـ ) أغسطس الموافق ( 1086 م )0

       (3) كان في استقباله في الجزيرة الخضراء المعتمد بن عباد وبعض القضاة والفرسان وسلمه الجزيرة التي شحنها بالمؤن والذخائر وشدد الحراسة عليها تحسبا لفشل الحملة على الأندلس وحتى تكون بداية طريق العودة الأمن له ولجنوده 0

      (4) بعد شيوع الأخبار عن مقدم يوسف بن تاشفين ونيته على جهاد النصارى تدافع المتطوعون للالتحاق بالجيش الإسلامي وبدأ أئمة المساجد في شحذ الهمم والدعوة للجهاد وقد أحضر يوسف بن تاشفين عدد من الجمال التى كانت تستخدم في القتال بين صفوف جيشه أكثر من الخيل وهي أكثر ملائمة للبيئة الصحراوية التي كانوا يقطنوها في افريقيا 0

      (5) مر الجيش الإسلامي في طريقه لمقابله جيش الفونسو بمملكه بطليوس التي أمر مليكها بجمع الجند والخيل والدواب والمؤن لدعم القوات المسلمة المجاهدة 0

      (6) كانت تجهيزات الجيش الإسلامي تتكون من الدرق والسيوف والقنا والخناجر والمزاريق وتستخدم الجمال والخيول وكان هناك رماه مهره مزودين بالسهام والنشاب 0

      (7) بمجرد ان قرر يوسف بن تاشفين محاربة الفونسو السادس بعث بوكلاء له ليشتروا الأسلحة ويختاروا الرجال وللتزود بالمؤن من كل البلاد بما فيها الأندلس نفسها كما أستنفر جميع أصحاب المهن كالنجارين و البنائين والحدادين للمساعدة في تجهيز الجيش .

     (8) قسمت القوات المسلمة الى قسمين الأول (الأندلسيين) بقيادة المعتمد بن عباد كقائد للقوة الرئيسية (الجناح الأيسر) و جناح بقيادة المتوكل بن الأقصى .والقسم الآخر (المغاربة) بقياد يوسف بن تاشفين و قائديه داوود بن عائشة و سير بن أبو بكر.

      (9) كان للمعلومات الاستخبارية الدقيقة التي قدمها المعتمد بن عباد ليوسف بن تاشفين دورا كبيرا في إيضاح غموض طبيعة الأرض وشخصية القائد المقابل(الفونسو السادس)ووضع الخطة النهائية للمعركة .

     (10) تحركت القوات المسلمة إلى مكان منبسط تتخلله بعض الأحراش في ضاحية سرقسطه سماها العرب (الزلاقه ) *وتسمى في أسبانيا (سكر الياس ) وهي في شمال بطليموس على مقربه من الحدود البرتغالية حاليا.



     ب . قوات النصارى .

         (1) عندما علم الفونسو السادس بقدوم قوات يوسف بن تاشفين كتب كتاب للمعتمد بن عباد ويوسف بن تاشفين يذكرهما بإن لديه قوات ومؤن ويهدد ويتوعد ويعدد قواته وعدته وعتاده فرد عليه يوسف بن تاشفين بكلمات بسيطة وموجزه ردا على كتاب طويل وقال في رده (الذي يكون سوف تراه ) .

       (2) قرر الفونسو الخروج من مقر العاصمة في طليطلة ومقابلة الجيش الإسلامي بعيدا عنها على الرغم من مناعتها ولكنه فكر في أن تكون الملاذ الآمن له لو تعرض جيشهم لأي نكسه وليحافظ على طليطلة من أي تخريب قد يمسها نتيجة للقتال .

      (3) كان عدد قوات الفونسو ( 180 ألف ) منهم ثمانون ألف من الفرسان تجهز أربعون ألفا منهم بالأسلحة الثقيلة ولبس الخوذات والدروع والزرد .

       (4) بلغ الاعتداد بالنفس والقوات الكبيرة المسلحة تسليحا جيدا مبلغه لدى الفونسو السادس وأخذه الغرور إلى أن قال (( بهذا الجيش أقاتل الإنس والجن وملائكة السماء)).

      (5) عندما علم الفونسو بمقدم يوسف بن تاشفين استنفر أهل بلاده فجاءه المدد من جليقة وليون وقشتاله ومن الولايات الفرنسية الجنوبية يتقدم تلك القوات الرهبان والقساوسة والأساقفة برفع الصلبان والأناجيل .

      (6) كثف الفونسو من عمليات جمع المعلومات فأخذ يتسقط الأخبار ويبث العيون الأرصاد وتحرك بقواته الى السهل القريب من بيطليموس (الزلاقه) ، وتلقى خلال تحركه رسالة يوسف بن تاشفين التي تدعوه الى الإسلام أو دفع الجزية مما أدى الى اشتداد غضب الفونسو وشعوره بالمهانة لأن بعض المسلمين في تلك الفترة كان يدفع له الجزيه لذلك قال انه لا يعبأ بتلك العروض المهينه وان جيشه كفيل بإنزال العقوبة بإبن تاشفين .

     (7) قام الفونسو بالاتفاق مع يوسف بن تاشفين على يوم المعركة وخالف الاتفاق لما عرف عنه من مكر وغدر ومحاولة الحصول على المبادئه وتحقيق المفاجأة ضد القوات المسلمة .


6. سير المعركة .

بعث الفونسو السادس إلى يوسف بن تاشفين يوم الخميس (11رجب 479 للهجرهـ الموافق 22 أكتوبر 1086 م) . بكتاب قال فيه ((إن غدا يوم الجمعة لا نحب مقابلتكم فيه لانه عيدكم وبعده السبت عيد اليهود وهم كثير في محلتنا .وبعده الأحد عيدنا ، فنحترم هذه الأعياد ويكون اللقاء يوم الاثنين ).*

وقد كان لمعرفة المعتمد بن عباد لشخصية الفونسو دورا في معرفة ان ما قام به الفونسو لا يعدو ان يكون خديعه ومكرا منه فبعث ليوسف بن تاشفين ينبهه بذلك ،ويذكره بان الفونسو لن يحترم عيد المسلمين بل سيهجم يوم الجمعة وطالب بان تكون القوات المسلمة مستعدة طول نهار يوم الجمعة ،أرسل الجواسيس لرصد حركة جيش الفونسو واستطاعت هذه العيون ان تنقل الحقيقة للمعتمد ببدء تحرك قوات الفونسو باتجاه قوات المعتمد وان من أهم الأهداف هو القضاء على المعتمد نفسه لانه السبب الرئيس لهذه المعركة.

عند السحر يوم الجمعة 12 رجب 479 هـ 22 أكتوبر 1086 م بدا هجوم عنيف من قوات لودريك على القوات التى تدعم قوات المعتمد ، وكانت بقيادة داود بن عائشة وتصدت لها فرسان ابن عائشة بكل بسالت فارتدت الى الوراء على الرغم من خسارة بعض الفرسان الشداد لابن عائشه. ثم بدأ الهجوم الثاني تصحبه أصوات وصياح هائل لإرهاب قوات المعتمد وكان القائد هو الفونسو نفسه فتراجعت القوات المسلمة تحت الضغط الشديد لقوات الفونسو لدرجة ان الفونسو قد أيقن من تحقيق النصر لانه لم يعرف بالقوات الرئيسة التى تأتمر بيوسف بن تاشفين المختبئة وراء ربوة الى اليسار من جيش المعتمد بن عباد .

وعندما شعر يوسف بن تاشفين بضعف القوات المسلمه أرسل القائد الفارس الآخر سيربن ابي بكر بقوات من الحشم ((كان يطلق هذا الاسم على قبائل زناته ومصموده وغماره )) لنجدة قوات المسلمين فتقوّت القوات المسلمة وزاد صمودها بينما قام هو بعملية التفاف كبيره وسريعة بالقوات الأخرى الى مؤخرة جيش الفونسو ، فحرقت الخيام واستولت على العتاد وحاصرة قوات الفونسو التى لم يكن لها ما يسترها من الخلف وصاحب ذلك الهجوم المباغت أصوات الطبول ورغاء الجمال الذى واصل عنان السماء وخسر الفونسو ما يقارب عشرة آلاف وحرس المؤخرة لديه قبل ان يصله الخبر المفاجئ .

وعندما حاول الفونسو المقاومة والتقهقر بعد قتال ضار دام عدة ساعات غطت الدماء فيها ساحة المعركة زج يوسف بن تاشفين بالحرس الخاص ((السودانيين )) ،الذين يعتبرون كقوات صاعقة ولها نوع مختلف من القتال وذلك لتحطيم ما بقى من مقاومه لقوات الفونسو التى تمزقت بالفعل حتى ان الفونسو كاد ان يقتل الا انه استطاع مع (500) خمسمائه من فرسانه عند حلول الظلام من الإفلات من سيوف المرابطين بعد ان أصيب الفونسو بطعنه خنجر في فخذه من أحد الفرسان السودانيين حيث أمر يوسف بن تاشفين بوقف القتال .


7.خسائر الطرفين .

نظرا لاختلاف المصادر في تحديد أعداد الخسائر لكلا الجانبين تماما كما كان الاختلاف في التحديد الدقيق لقوات الطرفين قبل بداية المعركة فإنه يمكن ذكر بعضا من الأعداد التي ذكرت ، لقد بالغت كثيرا من الروايات في تحديد عدد القتلى في جانب النصارى فوصل إلى (300) ألف قتيل بينما عدد جيش النصارى على أرجح الأقوال يصل إلى(180) ألف مقاتل وهذا يستبعد التقدير الأول من أعداد القتلى . بينما ذكر ان عدد الناجين من القتل تراوح بين (9)أشخاص فقط وهو الحد الأدنى أما الحد الأعلى هو نجاه (500)مقاتل . بينما وصل عدد شهداء المسلمين إلى (3000)رجل .
ومهما كانت تلك التقديرات فإن خسائر الجانب النصراني تفوق بكثير أعداد الشهداء المسلمين ، وقد ذكر أن يوسف بن تاشفين أمر في اليوم التالي للمعركة بجمع جماجم النصارى حيث صفت وشكلت هرما كبيرا في ميدان الزلاقه أذّن من فوقها للصلاة .


8.نتائج المعركه :

كان لمعركة الزلاقه نتائج كبيره وآثار متعددة على الطرفين ومنها ما يلي :

    أ.كان لعامل الحماس للجهاد في سبيل الله لدى القوات المسلمة دورا رئيسيا في تحقيق الانتصار الحاسم على القوى النصرانية .
    ب .ساهم هذا الانتصار في زيادة عمر بقاء الوجود الإسلامي في الأندلس لمده لا تقل عن أربعة قرون بعد ان بدأ المد النصراني يسقط الدويلات الاسلامية بدعم كبير من الدول المجاورة ورغبه في إخراج المسلمين من الأندلس .

    ج.تم شل حركه تقدم حرب الاسترداد النصرانية وتم تعطيل مسيرتها بعد النكسة التى تعرضت لها قواتهم فى الزلاقه .

    د.عاد توازن القوى بين المسلمين والنصارى فى الأندلس بعد ان بدأ يختل ذلك الميزان ويرجح لصالح القوات النصرانية .

    هـ. كان انتصار المسلمين انتصارا لكرامتهم وعادت العزة وثقه النفس للمسلمين بالأندلس (وارتفعت روحهم المعنوية )بعد أن بلغ اليأس مبلغه فى نفوسهم من جراء ما لحق بهم من ذل وهوان.

    و.إصابة النصارى بحاله ذهول تام ويأس وحزن آثرت بشكل كبير في الفكر والنفسية النصرانية كما فقد الفونسو السادس زهره جنده وعدد كبير من خيرة رجاله وقادته .

     ز.تخلص المسلمين من دفع الجزية للفونسو السادس وقد كانت تثقل كاهل خزائن إمارات الأندلس المسلمة وتستذلهم وتشعرهم بالهوان .

    ح.ربح المسلمون غنائم وفيرة أستمر جمعها ثلاثة أيام كاملة لدرجة أن المحارب كان يجر وراءه أربعه الى خمسة من الخيل وأعداد كبيره من الذخائر و العتاد .

    ط.تم رفع الضرائب الباهضة التى كانت تثقل كاهل العامة من الناس الذين كانوا يكدحون أيامهم ولياليهم ليتمكنوا من تلبية طلبات أمراءهم لإسكات الفونسو ودفع الجزيه له وقد فرح الأندلسيون فرحا شديدا دعاهم للدعاء ليوسف بن تاشفين بالنصر والعزة والكرامة لما لاحظوه من اهتمام بهم و إخلاص للمسلمين حيث كان قد رفض أخذ الغنائم لان هدفه كان الجهاد في سبيل الله وليس جمع الغنائم .

    ى .كانت معركة الزلاقة حلقه من حلقات الصراع الطويل بين المسلمين والنصارى الذين شنوا حروبا صليبيه عنيفة في الأندلس وفى المشرق الإسلامي تجاه بيت المقدس بدعم كبير وتمويل مادي ومعنوي ضخم من روما.

    ك. لم يعد للقشتالين أي خطر يذكر على غرب الاندلس بوجود قوات من المرابطين بقيادة سير بن أبي بكر في الاندلس يصل عددها الى (3000رجل) لا هم لهم الى حماية الاسلام والمسلمين والجهاد في سبيل الله .

   ل .تغيرت نظرة المسلمين في الاندلس لأمرائهم وملوكهم حيث رأوا عدم كفاءة أولئك الملوك مما مهد السبيل الى اسقاط دويلات الطوائف فيما بعد وسيطرة المرابطين على الاندلس بدعوة من المسلمين وبالأخص الرعايا وبعض الأمراء كالمعتمد بن عناد عندما رأى زيادة الفرقة والمشاحنات بين تلك الطوائف وزيادة غارات قوات الفونسو بعد أن استردت أنفاسها وتحالف بعض المسلمين مع الفونسو ضد إخوانهم المسلمين .

الدروس العسكرية في معركة الزلاقة.

كانت معركة الزلاقة حافلة بالدروس العسكرية والمبادئ التي عرفت الكثير منها بعد وبالأخص بعد أن بدأ المنظرون والكتاب العسكريون تأطير وصياغة تلك المبادئ ووضع الخطوط العريضة لها وكيفية تطبيقها .مع الأخذ بالاعتبار بأن مبادئ الحرب المعروفة اليوم ليست موحدة تماما .

فمن جهة المنظرين تجد أن عدد مبادئ الحرب عند كلاوزفيتز(1930م)هي(7)مبادئ ،أما كولين(1912م) فهي(7) وأيضا عند فوش(1919م) فعددها(8)مبادئ ،(6) مبادئ عند فوللر(1923م) ، وأخيرا فإن لدى منتجمري (1945م)مبدأين(2)فقط .



7 7 8 6 2


الاتفاق بنسبة 80% على المبادئ التالية.

    1. تركيز القوه والحشد .

    2. العمل التعرضي.

    3. المفاجأة.



مع الاختلاف في مبادئ و الاتفاق على مبادئ أخرى، ومن التطبيق الفعلي من قبل الجيوش فإن هناك أيضا اختلاف في عدد ونوع المبادئ المطبقة لكل جيش لديه (9)مبادئ والبريطاني لديه (10)مبادئ والروسي لديه (10)مبادئ أما الجيش الفرنسي فلديه (3)مبادئ .ولكن تم الاتفاق بين الجيوش الأربعة المذكورة على مبدأين وهما الحشد والمفاجأة .

الامريكي البريطاني الروسي

الفرنسي
9 10 10 3

# تم الإتفاق100% على(1) الحشد (2)المفاجأة .



وقبل أن نستعرض المبادئ التي تم تطبيقها من قبل القادة الذين هم القادة السياسيين في نفس الوقت وكان لهم دورا كبيرا في تطبيق تلك المبادئ لأنهم قادة بالفطرة .فقد كان يتميز كل من يوسف بن تاشفين والفونسو بحنكة ودهاء عسكري كبير وكانت الغلبة في نهاية المطاف للمسلمين التي أكدت التجارب التاريخية أنه كلما توفرت ثلاث عوامل هامة كان النصر حليفهم وتلك العوامل هي :

   1   .القيادة المؤمنة المسلمة .

   2  .الالتزام بتطبيق العقيدة القتالية الإسلامية .

   3.  توفر قوات من المسلمين المجاهدين في سبيل الله.

ويمكن من خلال الجدول بيان كيف تم تطبيق المبدأ من كل من القائدين .


لمبدأ يوسف بن تاشفين الفونسو السادس

مقدرة القائد
 
المبدأ يوسف بن تاشفين الفونسو السادس

المبدأ يوسف بن تاشفين الفونسو السادس




يتضح من خلال العرض السابق بأن كلا القائدين كانا يتمتعان بقيادة فذه وحنكه ودهاء كبيرين وخبره عسكرية كبيره ولكن النصر كان في النهايه حليفا لمن جاء بايمان صادق وعقيدة راسخة ونيه للجهاد في سبيل الله برغبة رفعة راية الاسلام ورفع شأن المسلمين ومنع الظلم والقهر والجور الذي حل بهم ،وليس لمن جاءمزهوا بجيشه وقوته وكثرة عتاده معتمدا في البدايه على الحماس الوطني ثم الوازع الديني .وهنا مقارنه بين خطتي القتال لدى الطرفين .


خطة المسلمين (يوسف بن تاشفين) خطة النصارى (الفونسو السادس)



الخميس، 25 فبراير 2010

ما الحل اذا كان الوضع كذلك ؟



يصادف كل منا في حياته العملية أصناف متعددة من القيادات او المدراء الذين وصلوا لما هم عليه كنتيجة لعدة أسباب ، أهمها إرادة الله سبحانه وتعالى ، ثم عوامل تتعلق بالتأهيل او الأقدمية السنية او الوظيفية ، وفي أحيانا كثيرة أسباب اجتماعية (كالوساطات ، او رغبة القيادات الأعلى في التفرغ لأعمال أخرى فيتم اختيار أصناف محدده من البشر تتصف بمواصفات خاصة ) ، وهنا تكمن كثير من المشاكل حيث يتم عادة تجاوز الكفاءة والأعراف الإدارية الصرفة لاختيار الأنسب للمناصب ...

قيادة المنظمات الإدارية الكبرى يلزمها أشخاص تم صقل قدراتهم القيادية بالتأهيل والتدريب عالي المستوى ، او أنهم يتحلون بالحكمة والتأني والصبر وعدم العجلة في إصدار القرارات ، ولديهم القدرة على استخدام الكفاءات المتوفرة في تلك المنظمة كل حسب تخصصه بالطريقة الصحيحة ، مع ضرورة إعطائهم كامل الحرية والثقة في أفكارهم و طروحاتهم ، او ان يمتلك ذلك القائد او المدير كاريزما خاصة بأمثاله تسمى (كاريزما القيادة) ، وكلمة كاريزما هي كلمة إغريقية قديمة تعني «موهبة ربانية أو منحة إلهية» ..وهي موهبة ربانية تشير إلى الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص . ففي حين يمكن لكل إنسان اكتساب «شعبية» خاصة من خلال تنمية بعض القدرات والتغلب على بعض العيوب ، يصعب على معظم الناس اكتساب «كاريزما» تضمن ولاء الجماهير او المرؤوسين - للوصول في نهاية الأمر الى الأداء الراقي والمكتمل للمنظمة التي يسيرونها .

أفضل القيادات الإدارية او المدراء من يستطيع استخدام الكاريزما القيادية بطريقة تمكنه من مزج ما حصل عليه من تأهيل وتدريب للوصول بالمنظمة الى بر الأمان ، بحيث تؤدي دورها كما يجب من خلال موظفين محبين لعملهم وقادتهم وزملائهم ، و الأسوأ ان لا يتمكن ذلك الشخص من تحسس مواطن الضعف لديه بهدف التغلب عليها ، مع ان الأصدقاء والخلص قد يسدون له بالنصيحة حول بعض نواحي القصور ، وسيستفيد من تلك النصائح بشرط ان لا يكون أحمقاً فظاً مكابراً....

المشكلة الكبرى ان يصل شخص ما الى منصب قيادي او إداري كبير لظروف ما خدمته بطريقة دراماتيكية ، وهو في الحقيقة لا يملك كاريزما ولا حكمه إدارية ولا تأهيل عالي ولا حسن خلق ولين جانب ، وتزداد المشكلة تعقيدا إذا وصل به الغرور الى الاعتقاد الجازم بان لديه من القدرات الكبيرة ما أوصله الى ذلك المنصب ، فهو يهمش الكفاءات ويسفه الآخرين ، ويستخدم سلطاته بطريقه تعسفية...

الفكر الإداري بالتأكيد لديه الحلول ، كما ان تحليل الشخصية ودراسة الحالة النفسية للأشخاص قد توجد حلولٌ أخرى ، كذلك فان الخبرة الاداريه وتعدد الأصناف الاداريه وتنوعها قد يوجد حلولٌ مختلفة ...أفيدونا كيف يمكن التعامل مع تلك الحالة ؟



محمد بن يحي الجديعي

الرياض ‏25‏/02‏/2010

حروب طالبان أفغانستان




لا أعرف لماذا تذكرت بعض الأقران الذين كانوا لا يجيدون لعب كرة القدم ولا حتى الانضباط في الملعب أو التقيد بالمواعيد ، وعندما يتم عزلهم أو منعهم من اللعب قالوا " سنخرب اللعب" .



تذكرت تلك العبارة وأنا أشاهدوا واسمع أخبار كبار قادة طالبان الذين سمحوا للقوى الكبرى بانتهاك كرامة بلدهم واحتلاله في بداية الأمر ، وذلك بعدم التعاون مع المجتمع الدولي حول كثير من القضايا والأمور التي كانت تحدث على الأرض الافغانيه عندما كانوا يسيرون الأمور في تلك الدولة ، وبالأخص عندما قدموا الحماية لجماعات إرهابية مطلوبة في أكثر من دولة ، بل أنهم قدموا لهم المساعدات ومراكز التدريب للإضرار بأمن دول أخرى .



ثم رفض أولئك القادة بعد ان أسقطت حكومتهم الانخراط في العملية السياسة لبناء هذا البلد الذي عاني ويعاني من الفقر والجهل والتخلف وضعف البني التحتية ، وبالنظر إلى المقارنات الواردة أدناه ، يتضح كيف كان الوضع في هذا البلد ، وما أصبحت عليه منذ سقوط طالبان .



يلاحظ على قادة طالبان تطبيق المبدأ الوارد أعلاه (اذا اعتبر مبدأ) ، ولكن بعمليات تفجير وتدمير البلد ليس إلا ، دون وجود خطط حقيقية للتعاون مع الحكومة المركزية التي أصبحت واقعاً ، وبدأ الشعب الأفغاني يتنفس الصعداء بعد سنين طويلة من التخلف والقهر والحرمان .



الغريب أن الأخبار تنقل إلينا قيام بعض قادة هذه الحركة بالهروب من مواجهة القوات المتحالفة التي تحاول فرض السيطرة على ما تبقى من الأماكن التي تسيطر عليها طالبان في جنوب البلاد ، حيث قبض على عدد من أبرز قادتها وقتل او مات البعض الآخر مثل (رحيم الله زاي ،عبدالغني بيرادار، الملا داوود الله ، خيرالله خيرخو، لطف الله ، الملا عبيدالله، الملا عبدالسلام ، الملا مير محمد ) ، حدث ذلك ليس في مناطق القتال ولكن في أماكن بعيده تماماً عن الأماكن التي كان يجب تواجدهم فيها مع مقاتليهم .







أليس من الأفضل قبول الدعوات المتكررة للانخراط في اللعبة السياسية في أفغانستان بدلاً من ما يتم حالياً ؟ حيث يتم القبض او قتل البعض بناءً على ما يدلي به من سبق ان قبض عليه من معلومات !!




ولكن دعونا ننظر إلى أفغانستان بطريقة أخرى ...حيث ان هذا البلد التي تبلغ مساحته الإجمالية حوالي ( 652,230 كم2) ويسكنه حوالي ( 28395.716 مليون نسمة في العام 2009م ...الغريب ان تعداد أفغانستان كان (33.609.937 في العام 1979م ...) و أكثر من 40% من السكان دون عمل .. يتغير بشكل سريع ، والجدول التالي يبين الفرق الذي حدث من العام 2001 وحتى الآن .











أيهما أفضل للمواطن العادي في أفغانستان ؟ الوضع قبل إسقاط طالبان ...ام الوضع حاليا ؟؟



الإخلال بالحالة الأمنية والتفجيرات التي تتبناها طالبان تدعم تواجد القوى الغربية في ذلك البلد ، وليس العكس كما قد يعتقد البعض ....



محمد بن يحي الجديعي

الرياض ‏24‏/02‏/2010م

الجمعة، 19 فبراير 2010

مقاومة التغيير مطلب .... ولكن





هناك هجمة قوية على الشيخ محمد الدحيم على خلفية خروجه في برنامج اضاءات على قناة العربية ، وأساس الهجمة هو طرحه فكرة أهمية إعادة النظر فيما كتبة شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) ...وقد نبهني زميل اشتهر بيننا بحبه الكبير لمثل تلك الآراء والطروحات التي كتبها شخص لا احد يعرفه يدعى (الموحد بالله) في موقع بناء الفكر والثقافة ....

هناك فئة كبيره من الناس يعارضون أي فكره فيها خروج عن المألوف او المتعارف ، وربما ان تلك المعارضة حق مشروع لأي احد ...لكن ان تصل المعارضة الى حد الهجوم الشخصي واستخدام ألفاظا تلفظها القيم الإسلامية والأخلاق الفاضلة والنخوة والفروسية وتتجاوز حدود الأدب فهو المرفوض تماما ....وهو ما قام به ذلك الموحد بالله (الذي يدعي ان لديه غيره إسلاميه ) "هداه الله"، ومن ضمن تلك الألفاظ (هذا البويحث ،أن فحيحه غدا نقيقا ونعيقا ،هذا الأفاق الأفاك ،ذئب يعوي، لماذا يا إياس؟؟)

انا لست مع أي من الطرفين ،، ولكني أرى ان الشيخ ابن تيميه رحمه الله قام هو نفسه ببعض المراجعات لما سبق ان كتب ...فمثلا كتب كتابا بعنوان (الحسبة في الاسلام ..او وظيفة الحكومة الاسلاميه ) هذا الكتاب شبه ممنوع في معظم الدول العربية لعدم توفره في المكتبات ، لما فيه من افكار تتعلق باعطاء المحتسب صلاحيات واسعة تصل الى الجلد في الأسواق والحبس لمرتكبي بعض المخالفات ...وقد قام رحمه الله بتغيره او اعادة كتابته تحت عنوان (الحسبه) وعلى الرغم بان فيه نقاط كثيرة بحاجه الى المراجعة ، ولكنه يضل اقل حده من سابقه ، كما قلت الصلاحيات التي منحها للمحتسب في الكتاب الاول .

كذلك مواقفه رحمه الله من غير المسلمين وضرورة إخراجهم من المجتمعات الإسلامية (ومن جزيرة العرب تحديدا)، مع انه استثنى الخبازين والطحانين وبعض المزارعين (بعض آراءه في هذا الموضوع يتشبث بها كثير من إرهابيي عصرنا) ، وموقفه من علاقة الحاكم بالمحكوم ومواطن الطاعة والمخالفة ، وموقفه من الشيعة وبعض المدارس في عصره (المعتزلة ، الجهمية ، القدرية، الصوفية) وهما من المواضيع التي سببت له الكثير من المتاعب في حياته حيث سجن في مصر قبل ان يسجن في الشام حتى مات داخل السجن ...وعلى فكره له رأي غريب جدا (بل انه لا يليق بالشيخ رحمه الله ) في المعتزلة والجهمية (يمكن قراءة ص. 102 من كتابه الحسنه والسيئة) ...

مقاومة التغيير دائما تتواجد في أي مجتمع ، وبالأخص في القضايا الفكرية ...والشيخ رحمه الله له مؤلفاته وجهوده الكبيرة في خدمة الإسلام لا ينكرها الا جاحد ، لكن الكثير منها كان صالحا في فترة تاريخية معينه خصوصا ان مرحلته تميزت بفتن كثيرة وأفكار شاذة ....وهذا الموضوع طويل ولا يكفي المرور عليه بهذه الطريقة ....لكن حبنا للشيخ يجب ان لا يكون هكذا بالتوارث ..دون قراءة وتمعن لما كتبه رحمه الله ...هناك من لم يقرأ له شيئا ، ولكن أحكامهم مبنية سماعيا ليس الا ....تقبلوا تحياتي.

 
محمد بن يحي الجديعي
الرياض   05 ربيع الاول 1431هـ

مدينه طليطلة





1. مقدمة :

سميت هذه المدينة في تاريخنا الإسلامي طليطلة ، اما اسمها بالاسبانية فهو (Toledo)، وهي تبعد عن العاصمه الاسبانية مدريد بحوالي 70 كم إلى الجنوب الغربي ، وقد دخلها طارق بن زياد في العام (712م) او في العام (93) هجري ، حيث كانت هي عاصمة ((الغوط)) الذين كانوا يحكمون شبة الجزيرة الأيبيرية .... وقد بقيت تحت السيطرة الإسلامية إلى أن دخلها الملك الاسباني ((الفونسو السادس)) ملك قشطالة في العام 1084م (478هـ) بعد أن استعان به الأمير السابق لطليطلة القادر بالله يحيى بن ذي النون.

2.موقع المدينة :





تقع طليطلة على مرتفع يحيط بها من ثلاث جهات نهر عميق يسمى نهر (تاخو) ، وقد شكل ذلك النهر عائقا طبيعيا ضد أي قوى ترغب في مهاجمة المدينة وذلك لصعوبة عبوره  ، وهو السبب في تسمية تلك المدينة [ Toledo ] التي تعني ( المدينة المحصنة) ، وقد لاحظت أثناء زيارتي هذه المدينة سهولة الدفاع عنها ، حيث أن وجود أبراج مراقبة وحراسات بسيطة تكشف بسهولة أي تحركات حول المدينة من جوانبها الشرقية والغربية والجنوبية ، كما انه بني سور بارتفاع كبير على الجهة الشمالية للمدينة (المدخل الرئيس) وزود ذلك السور بأبراج مراقبة ونقاط للقنص ، وله بوابتان كبيرتان موجودتان حتى وقتنا الحالي . في العهد الإسلامي لم يكن يسكن خارج السور سوى عمال السقاية وبعض الخدم.


لذا فانه يصعب اقتحام المدينه عسكريا حتى ان الفونسو السادس حاصرها لمدة ( 7 ) سنوات الى ان سقطت ، اما طارق بن زياد فقد وجد هذه المدينة شبه فارغه بعد أن فر أهلها منها بمجرد سماعهم بالانتصارات الإسلامية المتلاحقة منذ معركة ( لكه ) التي دارت رحاها بين الجيش الإسلامي بقيادة طارق بن زياد و{غيطشه} ملك الغوط التي كانت طليطلة عاصمة ملكه ، اما الفونسو السادس ملك قشتالة فقد أعانه على دخولها القادر بالله يحيى حاكمها الذي ثار عليه أهل طليطلة لقتله شيخها ابن الحديدي وطردوه منها ، فما كان منه الا اللجوء الى ملك قشطالة لاستعادتها الى ملكه ، ساهم في ذلك عدم اكتراث بقية الامارات الإسلامية المجاورة لها بما يدور في هذه المدينه وأهمها اشبيلية , لكن الفونسو بعد دخوله المدينة لم يسلمها للقادر بالله حيث قايضه بأن يسلمه (بلنسية) بدلا عنها..

عندما دخل الملك الفونس السادس الى طليطلة سنة 1084م طرد كل العرب وكذلك اليهود والذين اعتبروا طليطلة هي اورشليم الثانية ، واستولى المسيحين على المدينة، وبقيت عاصمة اسبانيا الى ان نقل الملك فيليب الثاني (ملك اسبانيا) البلاط الملكي من طليطلة الى مدريد سنة 1561م ، وقد تم بناء جسر على نهر تاخو واسمه "سان مارتين"  سنة 1203م ، وفي نفس العام حدث فيضان أدى الى انهيار الجسر ، وفي القرن الرابع عشر اُعيد بناءه مرة اخرى ، اما الجسر الثاني فما زال مُحتفظا بإسمه العربي (القنطرة) وعلى طرفيه برجين كبيرين ، في اعلى البرج يرتفع تمثال مريم العذراء، وفي البرج الثاني تمثال للملك الفونسو السابع.

يوجد باب رئيسي يدخل الى المدينة وهو باب عربي قديم يسمى "باب السهل" واليوم يسمى بورتا دي بساغرا ، ويعتبر ملتقى الطرق المؤدية الى أنحاء المدينة كما يعتبر من الأبواب الأندلسية القديمة .

 
باب السهل




لقد كان سقوط طليطلة في يد الفونسو السادس نذير شؤم للمسلمين وإشارة واضحة الى نجاح الزحف الاسباني على الجزيرة الايبيرية ، ويتضح ذلك من القصيدة الطويلة للشاعر عبد الله بن فرج اليحصبي الذي قال فيها :





يا أهل الأندلس حثوا مطيتكم

فما المقام بها الا من الغلط
الثوب ينسيل من أطرافه وارى

ثوب الجزيرة منسولا من الوسط

ونحن بين عدو لا يفارقنا

كيف الحياة مع الحيات في سفط ؟


وقد كان سقوط طليطلة أيضا مرحلة من المراحل التي وضعها الفونسو السادس لاحتلال اشبيلية (عاصمة المعتمد بن عباد) التي كانت تدفع له الإتاوات والجزية سنويا مع بعض دول المرابطين ، وكانت تلك الجزية وتراكم الإهانات لابن عباد من الفونسو السادس (ومنها طلبه بان تلد زوجته داخل المسجد الكبير بناءً على نصيحة القساوسة) من أهم أسباب استعانة المعتمد بن عباد بيوسف بن تاشفين حاكم المغرب ، الذي عبر إلى الأندلس وخاض المعركة المعروفة ((الزلاقة)) ضد الفونسو (ولدي بحث عن هذه المعركه لعلي اعرضه لكم في وقت لاحق) ، المهم ان يوسف بن تاشفين حقق في تلك المعركة نصرا ذاع صيته ، ولكن في نهاية المطاف هاجم يوسف بن تاشفين نفسه اشبيلية وألقي القبض على المعتمد ابن عباد ، وسجنه في أغمات وأهانه بطريقة غريبة جدا..وبصرف النظر عن الأسباب التي دفعت يوسف بن تاشفين إلى ذلك ..
 إلا أن بن جديع لاحظ ان في العرف الاستراتيجي" التحالفات مع قوى أخرى يعد مشكلة بحد ذاتها ، وحساباتها صعبة ومعقدة جدا ، لأن الصداقات قد تتبدل من اجل مصالح أخرى قد تظهر في وقت آخر ، وبالتالي يصبح الحليف عدوا لدودا عارفا بكل نقاط الضعف التي سيسخرها لصالحه".


3. واقع طليطلة حاليا :

ثقافيا ... أعلنت طليطلة كموقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو في 1986م ، وذلك للتراث الثقافي الضخم الذي تحتويه هذه المدينة ، وبوصفها واحدة من العواصم السابقة للإمبراطورية الاسبانية ، ومكان لتعايش الثقافات المسيحية واليهودية والإسلامية ، ويبلغ عدد سكانها (77,601) نسمة حسب إحصائية عام 2006 م ، وتحتل مساحة (232.1) كم مربع .

سياسيا....استمرت طليطلة عاصمة لاسبانيا الى ان نقل الملك فيليب الثاني (ملك اسبانيا) البلاط الملكي من طليطلة الى مدريد سنة 1561م .

دينيا.... يزور المدينة يوميا الآلاف من السياح الأوربيين لما لها من تاريخ سياسي عريق ارتبط بقوه بالعامل الديني الكاثوليكي ، كما ان كنيسة القصر التي يمكن مشاهدتها من مسافة بعيدة تحضى بقدر كبير من الزوار ، وهي التي أعيد بنائها في القرن الثالث عشر بعد دخول الفونسو السادس للمدينة ، حيث تم إعادة بناء تلك الكنيسة بعد ان حولت الى مسجدا في وقت سابق.

4. فوائد عسكريه و إستراتيجيه :

أ . موقع المدينة المميز جدا يعطي ميزه كبيرة لمن يسيطر عليها على ا ي قوات ترغب في مهاجمتها ، وبإمكان المدافعين عن المدينة اختيار وتحديد مناطق قتل للعدو مثالية.

ب. خطورة التحالفات السياسية مع أطراف وقوى أخرى ، حيث أن دخول الفونسو السادس للمدينة كان بتحالف حاكمها السابق (القادر بالله يحي) الذي أعطي بلنسية بدلا عنها ، وذلك لمزايا موقعها الاستراتيجي (هي تقع في وسط شبه الجزيرة الأيبيرية) ومنعتها وحصانتها الطبيعة القوية ، كما أن يوسف بن تاشفين انقلب على من طلب نجدته حيث حاصر اشبيلية طويلا حتى تمكن من دخولها و سجن حاكمها ابن عباد إلى أن مات ، وهو من دعاه إلى نجدته ضد الفونسو السادس.

ج. أهمية الزيارات الميدانية للقادة العسكريين لبعض الأماكن الهامة ، مع ضرورة وضع اقتراحات وتحديد مهام لكل قائد، بحيث يخرج في نهاية الزيارة برؤية عسكرية للمواقع والأحداث والمعارك التي درات رحاها فيها ، للاستفادة منها في حياته العملية { والتاريخ يعيد نفسه....كما يقال } ، وعدم اخذ مثل تلك الزيارات على أنها للترفية والاستجمام فقط.


5. الخاتمة :

المواقع الأثرية الإسلامية في اسبانيا كثيرة ومتعددة ، ومن زار قرطبة (ومدينة الزهراء الأثرية وهي مجاورة لقرطبة ) واشبيلية وسرقسطة وملقا وقادس وغرناطة وغيرها ، سيشاهد كيف أن الآثار الإسلامية تجلب ملايين السياح من كل أصقاع الأرض الذين يدفعون المليارات للخزينة الاسبانية ، ولي على ذلك ملاحظات بسبب زيارتي لكل تلك الاماكن ومنها :

أ . قله السياح العرب والمسلمين الذين يزورون تلك المعالم والآثار التي بناها إسلافهم ، بل أن تواجدهم في تلك الأماكن شبه معدوم ، وذلك على الرغم من تواجدهم بكثرة باسبانيا خاصة بالصيف.

ب. إبقاء تلك الآثار الهامة على ما هي عليه عدى من بعض الترميمات ، او وضع بعض الإشارات المسيحية على بعض المعالم والمساجد. فمثلا وضع ناقوساً كبيرا على مسجد (الباب المردوم) الموجود في طليطلة والذي بني عام390هـ وذلك بعد 20 سنة من دخول الفونسو السادس لها . كما انه بني كنيسة كبيره داخل المسجد الكبير في قرطبة ، حيث يحيط بها المسجد حاليا من كل الجهات ، علما بأنه ذكر أن قرطبة كان بها أكثر من (1600) مسجدا ، وقد هدمت جميعها الا القليل منها ، اما ثلاثة منها فقد أقيم مكانها كنائس وحولت مآذنها الى أبراج لكنائس (سان خوان, وسانتا كلارا, وسانتياجوا) ، كما هدم مسجد كبير في ملقا بني مكانه كنيسة كبيره .

ج . ضرورة ان يتقمص القادة ادوار القادة والشخصيات التي كان لقراراتهم دور حاسم في أحداث المعارك التي تتم زيارة مواقعها ، والقيام بكل الأعمال السابقة (مثل الاستطلاع وإجراء التحالفات والأعمال الإدارية الأخرى ) ، واللاحقة مثل إعادة التنظيم واختيار مواقع جديدة وخلافه ، مع ضرورة الاستعانة بالمختصين في التاريخ والجغرافيا وغيرهم .

محمد بن يحي الجديعي

الرياض 12 جمادى الأولى 1429هـ

الأربعاء، 17 فبراير 2010

الخطوط السعودية



مقال قديم ...ولكن لا يزال الوضع على ما كان عليه



كنت دائماً ما أضع بعض المقارنات البسيطة لأسعار الخطوط السعودية وبالأخص تذاكر التخفيض أو الإركاب الحكومي ، ويجب في البداية أن أبين نقطة هامة وهو أن السعودية لا تقوم بإعتماد إصدار أي تذكرة إلا إذا تأكدت من أن حساب الجهة المصدرة للأمر كـافي ويغـطي المبلغ المحدد لقيمة التذكرة ، لذا فإنه لا يوجد أي ميزة حقيقية للمسئولين الحكوميين الذين يسافرون على الخطوط السعودية .

في عام 1998م كنت قد حصلت على أمر بالتخفيض ( 50٪ ) لحصولي على إجازة خارجية وعندما وصلت مكتب الخطوط وجدت أن قيمة التذكرة بعد التخفيض أعلى بكثير من قيمة التذكرة دون تخفيض على خطوط أخرى مما اضطرني إلى أن ألغي فكرة إستخدام التخفيض .

وبالأمس قمت بتحديد خط سير عشوائي ( الرياض – موسكو – الرياض ) وإتضح لي ما يلي :

على الإماراتية ( 7850 ) درجة أولى .

على القطرية ( 7545 ) درجة أولى .

على السعودية ( 8711.25 ) درجة سياحية .

على الكويتية ( 6401.25 ) درجة سياحية .

على الخليجية ( 5718.75 ) درجة سياحية .

أما الأركاب الحكومي على السعودية لنفس خط السير فهو (13555) فقط لا غير ، وعلى الرغم من ضخامة المبلغ المدفوع ، إلا أن تعامل موظفي الخطـوط مع الركاب المدفوعة تذاكرهم من قبل جهات عملهم تتم بطريقة غريبة وغير محترمة ، ربما إعتـقاداً منـهم بأنهم يركـبون مجاناً ، وهـناك أمور أخرى مثل :

• عدم إهتمام الشركة بالركاب المواصلين على خطوط أخرى وبالأخص عندما يكون الفاصل الزمني كبيرا بين الوصول والمواصلة ، بينما الشركات الأخرى تسكن المواصلين على حسابها بناءً على الدرجة التي هم عليها .

• إلغاء حجوزات الركاب المدفوع تذاكرهم وإبدالهم بغيرهم حسب المعرفة ببعض منسوبي الخطوط ، وفي أحياناً اقل ضرراً ينزلونهم من الدرجة التي هم عليها دون أي تعويض .

• الاختيار غير الجيد لصالات الجلوس لركاب الدرجة الأولى في المطارات العالمية .

• أصبح التأخير عاده معروفه للخطوط السعودية ويندر أن تنطلق رحله في وقتها المحدد ودون تقديم أي اعتذار ، ودائما تتضح الفروقات عند استخدام شركة طيران أخرى ، والمقارنة مع بعض الشركات مثل الامارتيه والقطرية والسنغافوريه ، فيها تجن كبير على تلك الخطوط ، وذلك لتميزها في خدماتها الارضيه وروعتها في خدماتها الجوية، وإعطائها اهتماما خاصا بكل راكب .
بمناسبة افتتاح الشركة الجديدة (ناس) التي أمل إن تتمكن من الوصول إلى مستوى يدفع بالسعودية وموظفيها للتغيير من طريقة فهمهم في التعامل مع المسافرين ، كما أمل أن يتم التفكير جديا في فتح التذاكر الحكومية على الخطوط الاجنبيه الأخرى وبالأخص في تلك التي لا يوجد للسعودية رحلات مباشره لها ، للاستفادة مما تقدمه الخطوط الأخرى من خدمات تعدمها للسعودية ، وحتى لا تتعرض الوفود لمواقف محرجه من مسئولي السعودية في بعض الدول ، الذين يتعمدون اختلاق المشاكل وإيجاد مواقف لعل أهمها التشكيك في ولائهم للبلد وان هؤلاء الوفود يشكلون خطراً على الطائرة ، كما حدث مع طلاب احدى الكليات التي زارت اليمن عندما اتهموا بشكل علني وأمام مسؤول يمني كبير بان ذلك الوفد يشكل تهديدا امنياً على الطائرة ، ومن جهل ذلك المسئول أن هؤلاء الطلاب هاجسهم الأول هو امن البلد جميعه ، ومن ضمنه الطائرات المدنية .

بالتأكيد أن بعض تلك المواقف لا تعبر عن السياسة العامة للخطوط السعودية ، وأنها تصرفات شخصية ، ولكن عندما تتكرر فان في الوضع مشكلة يجب حسمها .

وأخيرا فانه وفي احد الرحلات تم إنزال احد اعضاء الوفد الذي كان يزور الباكستان في تعنت وصلف غير محدودين ، وذلك على الرغم من المحاولات التي بذلها رئيس الوفد ، إلا إن التجاوب لم يتم ، وتم إنزاله وهو عضو وفد رسمي زائر لدوله أخرى ، لأنه على حد زعمهم يشكل تهديداً امنياً على الطائرة ، وهو بالمناسبة موظف كبير على المرتبة الثالثة عشر ويحمل شهادة الدكتوراه .

هل نرى تغييرا جديا في الخطوط السعودية بعد الإدارة الجديدة ؟

هل نرى بحثا دقيقا ومباشرا على مستوى الخطوط السعودية حول وضع موظفيهم وطريقة تعاملهم ؟

هل يتم فتح التذاكر على الخطوط الأجنبية الأخرى لمحطات الوصول التي لا تصلها السعودية ؟

أمنياتنا إن نرى تغييرات كثيرة في خطوطنا العزيزة ، والناقل الوطني الأول التي نحبها كثيراً ولكن "من الحب ما قتل " كما يقال.........







محمد بن يحيى الجديعي



الثلاثاء، 16 فبراير 2010

واحترق كرت الحوثيين !!





منطقتنا مبتلاة بجماعات يعشش الغباء السياسي في أذهان مسيريها ، وعيونهم وعقولهم مغلقه عن قراءة التاريخ والاستفادة منه ، أو على الأقل تحليل الأحداث الجارية كما يجب لحقن دماء مناصريهم ، فكما يعرف الجميع ان إيران تحرك أطرافا أوهمتهم بأنها تساندهم وتدعمهم ، وهي في الواقع تستخدمهم لتغطية مشاكلها الداخلية المتفاقمة او كورقة تفاوضيه في حوارها الطويل مع المجتمع الدولي ، تماما كما حدث في حرب 2006م عندما حركت حزب الله مما أوقع دمار كبير للبنى التحتية في جنوب لبنان ، وكانت النتيجة في النهاية تكبيل ذلك الحزب بقرارات الأمم المتحدة التي حرمته من الوصول الى بعض المناطق داخل لبنان ، ثم كانت حرب 2009م في غزه التي بعثرت الفلسطينيين وزادت المعاناة للشعب الفلسطيني في غزة لولا المساعدات الدولية ، وفي النهاية تركتهم إيران وشأنهم مما جعلهم يعودون للبحث عن الحلول العربية لعل وعسى .

ثم جاء دور الحوثيين ، الذين عاثوا في بلادهم تقتيلا وتخريبا وتدميرا في بادئ الأمر ، ثم اتجهوا شمالا الى حدود المملكة بإيعاز من طهران ودعم إعلامي أثناء الاشتباكات ، وكان قد سبقه دعم مادي كثيف قبل بدء تنفيذ التوجيهات الإيرانية .

الآلة الإعلامية الإيرانية جعلت من الحوثيين دوله عظمى تحارب ثلاث دول في وقت واحد (اليمن السعودية أمريكا) بل وتتفوق عليهم في مواطن كثيرة ، وبعد ان حلت الاجتماعات الدولية بشأن برامجها النووية ، احترق كرت الحوثيين لدى إيران ونسيتهم بشكل كامل ، مما دعاهم الى إطلاق المبادرات المتعددة لوقف القتال بعد ان قُطعت عنهم الإمدادات وزادت خسائرهم في الأرواح .

وصول نجاد للسلطة سبب الكثير من المتاعب لإيران للمنطقة بأسرها، وهو الحاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة المدنية وتخطيط النقل المروري ، كان يعتقد ان الخوض في دهاليز السياسة لا يختلف كثيرا عن رئاسة بلدية طهران ، فبدأ يتحرك في فضاءات معقده قادته وبلده الى الحال التي هي عليه الآن ، فالوضع الداخلي مضطرب الى ابعد حد ، والوضع الاقتصادي في أسوء حالاته ، ومعيشة المواطنين تحتل المرتبة (85) عالميا في بلد من أغنى بلدان العالم ، حيث أنها ثاني بلد في الإنتاج في العام 2009 ، وثالث بلد في تصدير النفط الخام مع أنها تستورد 40% من الوقود الذي تستخدمه ، وذلك نتيجة لضعف إنتاج مصافي التكرير السبعة المتوفرة لديها ، والتي تعاني من عدم توفر قطع الغيار لها .

المنطقة حاليا تغلي بسبب إمكانية قصف إيران او فرض عقوبات اقتصادية عليها ، لكن الإيرانيين نجحوا في السابق في تحريك أطراف تصدق ادعاءاتهم في محاولاتها الجادة لخلط الأوراق ، فهل تستطيع ان تحرك أطرافاً أخرى في الأوقات التي يتم تحديدها في طهران ....؟؟ ومن هي تلك الأطراف ؟ ومتى سيتم ذلك ..؟؟

أم انه تم استيعاب الدرس والاستفادة من مآسي الضحايا الإيرانية (حزب الله ، حماس ، الحوثيين) الذين أحرقتهم الرغبات الإيرانية لدعم استراتيجياتها ...؟؟



محمد بن يحي الجديعي
( الرياض 28 صفر 1431هـ )



الثلاثاء، 9 فبراير 2010

لماذا التحركات الاسرائيلية الان ؟

سفينتين حربيتين إسرائيليتين تعبران قناة السويس في طريقهما الى الخليج العربي ، وذلك حسب صحف اسرائيليه وبعض الوكالات العالميه والمواقع الاخباريه ومنها موقع العالم الايراني ، وقبل ذلك بفترة ليست بعيدة أعلنت الولايات المتحدة عن نشر سفن تحمل نظام "ايجيس " المتخصص في اعتراض الصواريخ البالستية ...وهي التي تستطيع في الوقت الحالي من تغطية أربع دول خليجية ...وسيكون الجيل القادم من هذه الصواريخ قادرة على تغطية مساحات اكبر من دول المنطقة ....هذه الصواريخ موجودة مع البحرية الأمريكية في المحيط الباسفيكي ومع القوات الأمريكية في اليابان منذ نشر تلك الصواريخ هناك في خريف 2007م .







Aegis











تأتي هذه التحركات بالتزامن مع المعركة السياسية المحتدمة بين ايران والدول الغربية ، والتصعيد الإيراني المتعلق بتخصيب نسبه من اليورانيوم الذي تمتلكه غير معروفه أهدافه الحقيقية ، في ظل عدم وجود اي دور ظاهر للدول المجاورة لإيران ..وهذه الدول هي المتضررة من أي نشاط عسكري ضد ايران ، كما ان دورها في تنفيذ اي عقوبات على ايران سيكون مطلوبا لزيادة الضغط الخارجي على هذه الدوله التي تم تصنيفها بانها "دولة مارقة على النظام الدولي"

الساسة في ايران يرتكبون جمله من الأخطاء السياسية والإستراتيجية وبالأخص فيما يتعلق بالاعتقاد الجازم بعدم قدرة الولايات المتحدة على شن هجوم عليها ، او الدخول في حرب جديدة في المنطقة ... مع ان التواجد الأمريكي في العراق وأفغانستان يشكل مشكله حقيقية لإيران ، وما يتم حاليا من عمليات بريه واسعة في أفغانستان يهدف الى حسم كبير هناك يساعد في دعم الجبهة الجديدة ان تم فتحها ، وبالتالي تصبح إيران بين فكي كماشة ..وستضطر للقتال على أكثر من جبهة ، وهي لا تستطيع ذلك لضعف قدراتها الدفاعية .

الشيء الوحيد الذي تستطيع عمله إيران هو استخدام ترسانتها الصاروخية ، التي تستطيع إثارة الهلع والبلبلة في كامل المنطقة ، ولكن ذلك لن يستمر طويلاً ، علما بان التكلفة ستكون باهظة جدا على البنى التحتية الإيرانية ، وبالتالي على المواطن المغلوب على أمره .

الخطأ الثاني الذي ترتكبه إيران هو في إطلاق تهديداتها لدول المنطقة ، واستخدامها لجماعات مناوئة لأنظمة الدول المتواجدة فيها (حزب الله –حماس-الحوثيين....) بشكل سلبي مؤثر على امن واستقرار تلك الدول والدول المجاورة ، بدلا من البحث عن سبل تعاونيه ولهجة تصالحيه مع جيرانها ، تمهيدا لاخترق الحصار الاقتصادي الذي قد يفرض عليها وحتى لا يؤذيها ومواطنيها الذين سيعانون من ذلك الحصار، كما ان الدول الداعمة لإيران سياسيا لا تستطيع دعمها بأي شيء في الواقع عند الحاجه لضعفها العسكري والاقتصادي ....


 
لماذا التحركات الأمريكية والإسرائيلية الآن ؟؟ هل هي مجرد استعراض للقوه ؟؟ ام ان قرارا ما قد تم اتخاذه وستعود منطقتنا الى الحروب والأزمات ؟؟ ماذا عن تشدد الخطاب البريطاني والفرنسي .. ومؤخراً الروسي حيث دخلت روسيا الاتحادية على الخط ؟؟

ما رأيكم في الضغط الأمريكي على الصين بصفقه قد تكون لأغراض تفاوضيه ضد إيران ليس الا ؟؟

لماذا تدفع شعوب المنطقة نتائج سياسات غير حكيمة لبعض القادة أمثال نجاد ؟؟

لعل الحصار الذي قد يفرض على إيران يحرك بقية الشعب الإيراني لوضع حدا لبرامج نظامها ، لأن حكومة نجاد تجر كامل المنطقة الى المجهول ...ولم تجلب سياساتها للإيرانيين سوى الفقر والحاجة والاصطفاف أمام محطات الوقود وفي طوابير المواد الاستهلاكية في بلد من أغنى دول العالم من حيث الثروات الطبيعية ....


محمد بن يحي الجديعي
الرياض 25 صفر 1431هـ
09 فبراير 2010م