السبت، 6 فبراير 2010

مشاهدات من مهرجان ام رقيبه








أم رقيبه هي منطقه صحراويه تبعد عن ام الجماجم بمسافة (40) كم على طريق حفر الباطن ، وتبعد عن بوابه مدينه الملك خالد العسكريه بحوالي (90) كم . وهذه المنطقة مرّ بها الكثيرين منا فيما سبق ولم تلتفت الانتباه لها ، تماما مثلها مثل بقيه مناطقنا الصحراوية ، ولكنها في الآونة الأخيرة أصبحت منطقه مشهورة بسبب قيام المهرجان السنوي الكبير لمزايين الإبل فيها . وقد قمت بحضور المهرجان الخامس الذي أقيم الحفل الختامي له بتاريخ 09 ذو القعدة 1427هـ. والذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد العزيز وحضره أعداد غفيره من المواطنين وشارك فيه أعداد كبيره من ملاك الابل من دول مجلس التعاون الخليجي، وتمت تغطيته من قبل عدد من الصحف والقنوات التلفزيونية .

المهرجان يعد هوايه وتراث يتم إحيائه بطريقه تختلف عن ما يقام في دول أخرى لهوايات مشابهه . ولكن ما يتم فيه من مبالغات يعد حاله خاصة ، حتى أن الأمير مشعل ذكر ذلك في كلمته التي طلب فيها بعدم إعطاء المهرجان أكثر من ما يستحقه من اهتمام ورعايه . كما أنه نوه إلى أن هناك بعض العنصريات التي بدأت تطل برأسها على المهرجان وهو يدعو الى نبذ العنصريه ونبذ القبلية . وهو بذلك ينبه إلى ما يعتقده الكثير من المنظرين السياسيين والاجتماعيين حول التناقض بين الدوله ككيان سياسي منظم ، وبين دور القبلية في الدوله ، وهي التي تعد ضربا من ضروب العوده إلى الوراء والتراجع ، لانها تؤثر على الانظمه الامنيه والسياسية وغيرها في الدوله بطرق سلبيه تعيق حركه التطور والنمو والالتحاق بركب الدول المتقدمه من المجالات العلميه والثقافيه والتقنيه .

الازدحام كان شديدا على الطرق المؤدية إلى منطقه المهرجان، وزاد الوضع سوءً بالسرعة العاليه وسوء تصرف السائقين ونفاذ صبرهم على طول الطريق ، كما أن عدم وجود خدمات جيده على الطريق زاد من الضغط على بعض المحطات والأماكن الخدمية لدرجه أنها اصبحت لا تطاق ، وحيث أنني عدت للتو من زيارة إلى كوريا الجنوبية حيث تتوفر الخدمات الراقية ، وزادها رقيا درجه الوعي الكبيرة لدى المستخدمين ، فقد كان القبول بالأمر الواقع لدينا صعبا جدا ، وازدادت الحسرة والألم على وضعنا الثقافي وتمدننا ودرجه وعينا بأهمية منجزاتنا. وقد بحثنا في أكثر من (5) أماكن مختلفة لنجد مكان مناسب للوضوء لصلاة العصر وذلك في طريقنا للرياض ، وفي الأخير كان لا بد من التعامل مع الوضع القائم كما هو ، لأنه ببساطه لن يوجد المكان الأنسب ..





في منطقه المهرجان كانت الفوضى العارمه هي السمه البارزة عليها ، حيث أنشئت المخيمات بطرق فوضويه ، على الرغم من ان البلديه قد قامت بإنشاء بعض الشوارع لضبط الوضع هناك ، ولكن درجه وعي الناس متدنية للغايه مما جعلهم لا ينفذون تعليمات ولا يفكرون فيما يقومون به من تدمير لطبيعه المنطقه ، وعلى الرغم من الجهود الكبيره لتنظيف المنطقه إلا أن النفايات ترمى بطرق غير حضاريه ، وزادت المشكله بعدم توفر مناطق خدمات مثل دورات المياه وأماكن جمع النفايات (الصناديق) ، ودورات المياه تحديدا هي الشيء الذي يحتاجه الجميع ، ولم يفكر احد في أن تكون مجالا للكسب ، على الرغم أنه قيل لي أن مثل ذلك المشروع سيكون خاسرا لا محاله ، بسبب طبيعه الناس وعدم رغبتهم في استخدام مرفقات كتلك مقابل رسوم حتى ولو كانت الرسوم رمزية . لقد كان ذلك مثار الاستغراب خصوصا انك ترى المطاعم والمغاسل وأماكن الحلاقه وبيع الادوات وأماكن الجزارة وغيرها تأخذ أماكنها بين المخيمات بكل ارتياح شديد...


هوايات اخرى كانت مرا فقه للمهرجان الاصلي ولعل اهمها الاستعراض "الغبي" وطلوع الكثبان الرمليه والنزول منها ، وهي ما يسمى ((( التطعيس ))) حيث يتبارى الكثيرين لعمل بعض الحركات البهلوانيه غير الطبيعيه رغبه في التشجيع ليس إلا !!! وتزداد الغرابه أن ترى رجالا كبارا في السن يمارسون تلك الهوايه حيث لم تعد خاصة بصغار السن فقط ... كما أنه احضر لمنطقه المهرجان الدبابات والطائرات الورقية وغيرها من الهوايات الأخرى ..

مكان المهرجان تم إعداده بطريقه جيده حيث شيدت منصة كبيره لكبار الزوار ، وفي الجهه المقابلة اعد مدرجات قيل أنها تتسع لأكثر من (5) آلاف شخص ، ويفصل بينها منطقه عرض الإبل الفائزة والجوائز المرصودة . ولكن كان هناك مشكله كبيره واجهت منظمي جلوس الشخصيات المدعوة ، حيث لا احترام ولا تقدير لما يقوم به الأفراد ، وبمجرد قيام أحدا من مكانه لأي سبب لا يجده شاغرا كما تركه حتى ولو ابلغ ان ذلك المكان مخصص لشخص ما ، بل ان احدهم نهر وزجر العسكري الذي عين للحفاظ على مقعد قائد المنطقة ، وابلغه بأنه شيخ قبيلة ولا يجب منعه من الجلوس ...واتضح أخيرا انه مجرد إعرابي لابس بشت .

وقد كانت لنا فرصه أن نتوجه إلى قطيع ((ذود)) من الإبل المغاتير (( بيضاء اللون )) ، وهي التي فازت بجائزة أفضل (( ذود )) ومن أهم المشاهدات هو الود المتبادل الذي حدث بين إحدى (( النوق)) والاخ الفاضل (( يوسف )) حيث كانت تلك الناقه تتبعه في كل مكان ، ولعل الصورة المرفقة تعطي فكره عن مدى حب هذا النوع من الإبل للناس ولطفها . ومن يعرف فربما نشاهد الاخ (( يوسف)) يوما ما يسابق في المهرجان بالقطيع الخاص به...










الملاحظة الهامة والتي ذكرها الأمير مشعل في خطابه هي المبالغات التي تمت قبل وخلال المهرجان حول أسعار الإبل حيث قيل لنا ان البعض يدفع فيها بمبالغ كبيره فمنها ما بيع ((12،16)) مليون كما بيعت ناقه ب( 3) ملايين .

وعلى الرغم إنني حاولت أن تذوق جمال الابل ، ولكنني فشلت تماما في تذوق ذلك الجمال .. وفي اعتقادي ان لدينا هموم ومشاكل اكبر من مشاهده تلك الإبل او متابعه أسعارها الخياليه ، أو الغزل فيها كما فعل احد الشعراء الذي ألقى قصيدتين في الحفل يتغزل في الأولى في المجاهيم(الابل السود) وفي الثانية في المغاتير ...

الانطباع العام لمرافقي انها فرصه جيده للمارسة هوايه والحفاظ على نسل هذا الكائن الذي كان هاما في حياة الآباء والأجداد، وذكروا لي بأنهم سينصحون الآخرين بحضور المهرحان في المرات القادمه ....

أما أنا فقد كان لي رأي آخر .. إذ أن الهوايه جميله ولكن يجب أن تبقى في حدود معينه .. ويجب أن نهتم بإقامة معارض أخرى لها انعكاسات تنمويه للبلد مثل أقامه معارض التقنيات والاتصالات والمعارض الثقافية ومعارض الأسلحة أن أمكن .. لأنها تجلب الشركات العالميه وتشغل مرافق متعدده مثل الفنادق والمطاعم وتشغل العديد من الشباب . وانا لا انصح احداً غير المتخصصين ومحبي الإبل بحضور المهرجان .. والله الموفق .













محمد الجدبعي

الرياض 10 ذو القعده 1427هـ


 

ليست هناك تعليقات: