الخميس، 12 فبراير 2009

حول ما دار مؤخرا في غزه

وصلتني الرسالة التالية من زميلين عزيزين وكانت عبارة عن سؤال حول ما دار مؤخرا في غزه ، ثم تم تذييلها بطلب التعليق.
((هل هناك مقارنة بين حرب الأيام الستة والتي خسرت ثلاث دول ثلث أرضها وحرب غزة لأربعة أضعاف المدة (خصم واحد محاصر لعامين ومقاطع من العالم اجمع) مع نفس العدو دون فقدان ارض ذكر... يا ترى ما هو السر؟؟))

أقول و بالله التوفيق ان هناك فروق كبيره بين تلك الحربين ...ومنها ما يلي :

1. الهدف من الحرب... في حرب عام 1967م شنت مصر و سوريا حربا مفاجئه على اسرائيل لدفعها للقبول بالقرار الصادر من مجلس الامم رقم(242) حول إعادة الأراضي التي احتلها اسرائيل ، او استعادة تلك الأراضي بالقوة ، فما كان من اسرائيل الا احتلال مزيد من الأراضي لتكون في موقع تفاوضي أحسن .
اما في غزة فلم يكن الهدف الاسرائيلي احتلال القطاع بل كان دفع حماس الى إيقاف إطلاق الصواريخ على المدن و المستوطنات الاسرائيلية ، وتدمير الأنفاق التي يتم بعض الأسلحة منها .
لذا فإن اختلاف الهدف كان له دور كبير في عدم احتفاظ اسرائيل بأراضي في غزة على الرغم انها دخلت قرى و مدن في جميع أنحاء القطاع مما يعني انها كانت قادرة على ذلك .

2. طريقة شن الحرب... في حرب 1967م كانت الحرب بين جيوش نظاميه ، و استخدامت الأبعاد الثلاثة لميدان المعركة ، كما ان الحرب كانت في ميادين قتالية تقليدية يبرز فيها الاستخدام الصحيح لفنون القتال ويظهر بوضوح دور التقنية من خلال الأسلحة المستخدمة ، كما تتضح المهارات القيادية للقادة العسكريين الميدانيين ، وذلك بتطبيق ما تدربوا عليه من خطط وأفكار عسكرية .
اما الحرب في غزه فلم تكن حربا ... بالمعنى الصحيح للمفردة ، اذ ان احد الأطراف المتقاتلة استخدام جميع الأبعاد القتالية المعتادة لميدان المعركة ، اما الطرف الآخر فلم يستخدم أي منها ، وكانت الحرب من طرف واحد .
كذلك فان القتال كان تم في داخل المدن والقرى في قطاع غزه وهذا النوع من القتال من أصعب الأنواع القتالية لعدة أسباب ومنها :
أ. وجود كثافة سكانية مما يساهم في قتل العديد من المدنيين الذين يجب ان لا يكونوا هدفا لأي من المتقاتلين ، وذلك بناءً على القانون الدولي للحرب (اتضح من خلال الحرب ان أحد المتقاتلين لا يكترث بالقانون الدول للحرب ، والطرف الآخر لا يعرف ذلك القانون ) ، كما ان زيادة أعداد القتلى ، يسبب تنامي المعارضة الدولية للحرب والضغوط تزداد بهدف إيقاف الحرب ، مما يؤثر على إمكانية انجاز الأهداف المحددة .
ب. التداخل الكبير بين السياسة والعمل العسكري ..تاريخياً اذا تداخل الساسة في بعض تفاصل الحرب ، فان القادة العسكريين الميدانيين يعملون تحت قيود شديدة ، لا تسمح لهم باتخاذ خطوات قد تكون هامه للحسم العسكري ، كما ان القرارات التي يتخذها القائد الميداني بناء على الأحداث الجارية قد تسبب في قصف أهداف يحرم القانون الدولي قصفها ، وعندها يتدخل السياسيين في دوامة التبريرات او اتخاذ قرارات تؤثره على المجهود الجرب كلل .
ج.عدم وجود مواقع واضحة للمقاتلين .. عندما تأخذ القوات المدافعة مواقع دفاعيه تقليديه ، فإنه يتم التمهيد المسرحي بتدميرها ( بالطائرات او بالمدفعية ) قبل ان تقوم القوات البرية باجتياحها ، أما القتال داخل المدن فان المقاتلين يستخدمون أساليب لمفاجئه القوات المتقدمة من بين المباني ، مما يشكل صعوبة في التعامل معها , وليس أمام القوات المهاجمة الا ان تقوم بتدمير مصادر النيران بصرف النظر عما قد يجلبه ذلك العمل من إشكالات سياسيه ، او تحمل أعداد كبيرة من القتلى والتقدم البطيء ، مما يتطلب وقت أطول للوصول الى مصادر النيران

ان طرح كهذه الطرح الذي ورد في الرسالة انفه الذكر يبين حاله تتكرر في عالمنا العربي العاطفي بشكل كبير..نحن في منطقتنا نغير المفاهيم والمعاني الصحيحة لبعض الألفاظ لمجرد إرضاء الذات , بعيدا عن العمل المنظم الصحيح الذي تنتهجه اسرائيل...

في الحرب التي شنتها اسرائيل على حزب الله في العام 2006م ، وبعد 34 يوما من القصف المركز على المنشات والبنى التحتية اللبنانية ، كانت النتيجة ان قتل (11,2) لبنانيا مقابل قتيل إسرائيلي واحد..ومع ذلك ظهرت حالتين مختلفتين للتعامل مع النتيجة النهائية للحرب وهما :
ففي لبنان ادعى حزب الله النصر على الرغم من الخسائر الكبيرة في الأنفس والمنشئات ، والقيود التي فرضت عل الحزب بموجب قرار مجلس الأمن 1701 ...
أما في اسرائيل فقد تمت دراسة الحرب من جميع جوانبها في المراكز الإستراتيجية المتخصصة ، واتخذ بموجبها عدد من القرارات الهامة ، كان أهمها تغيرات كبيره في القيادات العسكرية بدءً برئيس الأركان ، وإعادة النظر في بعض الأسلحة والأنظمة المستخدمة وأهمها دبابة ((الميركافا)) تلك الدبابة المتطورة للغاية ... والآن ظهرت نتائج تلك الدراسات ، واستفادت اسرائيل من الجهود التي بذلتها في أعقاب الحرب الماضية .
لقد قتل عدد (132,8) فلسطينيا مقابل كل إسرائيلي يقتل..وهي لا شك خسارة كبيره حقا ، ولا يمكن لأي جيش او دوله تحمل مثل تلك النسبة . وذلك في مقابل سماعنا عن انتصارات وصمود وقتال وتصدي ، دون وضوح لما سيتم عمله لعدم تكرار مثل تلك الخسارة الجسيمة .
هناك من تحدت عند نصر معنوي ، ولكن في العرف العسكري كما زادت الخسائر في الأرواح والعتاد العسكري ، انعكس ذلك سلبا على المقاتلين وعلى القدرة القتالية.

الحروب مع اسرائيل عدد القتلى العرب عدد القتلى الإسرائيليين المقارنة تقريبية

عام 1973م 8528 2838 3-1
حرب 2006م 1760 157 11.2-1
حرب غزه 1328 10 132.8-1
الحروب السابقة مع اسرائيل
عدا حرب 2006 وحرب غزة 21624 8899 2.43-1


أخيرا أورد لكم ما قاله المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي يوم الخميس 8-1-2009 م ، وذلك لربطه بكل ما دار ويدور في المنطقة ...حيث قال
" بفضل وعي وذكاء شعبنا تحولت (إيران) إلى تمثال العظمة و الجلال والأمل في عيون شعوب المنطقة في سبيل المقاومة والنصر"