الأحد، 20 أكتوبر 2013


تقرير مؤسسة ( راند   Rand) الأمريكية

 
 
صدر عن مؤسسة ( راند ) الأمريكية المشهورة تقريراً بتاريخ  26 مارس 2007م ، وقد سمي ذلك التقرير " إنشاء شبكات مسلمه معتدلة " ومؤسسة " راند " التي تتبع في الأساس القوات الجوية الأمريكية ، يعمل بها أكثر من (1600) شخص ، وتبلغ ميزانيتها السنوية أكثر من (150) مليون دولار ، وهي إحدى المؤسسات والمراكز التي تنظر لها الحكومة الأمريكية ولتقاريرها بعين الجدية ، ويشاركها في ذلك حوالي  (5) مراكز دراسات رئيسية من مجموع (76) مركز للدراسات الإستراتيجية توجد في الولايات المتحدة ، ومؤخراً أنشئت فرعاً لها في دوله قـطر ، ومهمته الرئيسية " هو التأثير على صناعة القرار في المنطقة " وهو ثامن فرع لمؤسسة "راند" التي يوجد لها أيضا فرع داخل مقر الكونجرس الأمريكي .

تكون التقرير من (217) صفحة يحتل التقرير منه (145) صفحة ، والبقية عبارة عن ملاحق وتوصيات مختلفة ، وقد أعده (4) باحثين من أهم الباحثين والكتاب عن الإسلام والشرق الأوسط والإرهاب وقضايا المرآة وغيرها ، ومنهم السيدة " شارلي بيرد " وهي زوجة سفير أمريكيا السابق في العراق وممثل  أمريكا حالياً في الأمم المتحدة " خليل زاه " وهي نمساوية ولها أبحاث متعددة ، وكذلك السيد " انجل راياسا  " وهو دكتور وباحث في معهد اليوت للعلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن وله أبحاث متعددة عن العالم الإسلامي والإرهاب .

استغرق إعداد التقرير (3) سنوات وتكون من (10) فصول وهي .

1 . مقدمه .

2 . الحرب  الباردة (تجربه)

3. مقارنة الحرب الباردة بالتحديات في عالم اليوم .

4. جهود الحكومة لوقف المد الراديكالي .

5 . خارطة الطريق لبناء شبكات مسلمة معتدلة .

6. الدعامة الأوروبية للشبكة .

7. جنوب شرق آسيا التابع للشبكة .

8 . عنصر الشرق الأوسط .

9 . العلمانيون المسلمون ...المنسيون في حرب الأفكار .

10 . استنتاجات وتوصيات .

 

التقرير قارن بين الوضع الحالي للولايات المتحدة إمام العالم الإسلامي ، والوضع مع الدول الشيوعية  في عهد الحرب الباردة ، وكيف أن الولايات المتحدة نجحت في محاربة الشيوعية بالبدء من أطراف المركز الرئيسي للشيوعية ، وذكر بان نجاح الولايات المتحدة تعزز بسبب وجود مناصرين لها من الداخل  ، وهو ما يتوفر أيضاً في العالم الاسلامي ، ولكن بشرط أن تكون البداية من الأطراف أيضاً ، وذلك لان  منطقة الشرق الأوسط هي المركز الرئيسي والثقل الذي تستمد منه بقية الأطراف قوتها .

وأكد التقرير على أهمية إيجاد الدعم المالي الكافي لدعم الجهات التي ستساعد في نجاح المشروع  ومنها الجهات التالية :

1.    الليبراليين والعلمانيين .

2.    المشايخ الجدد .

3.    الكتاب والصحفيين .

4.    النشطاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدني .

5.    المجموعات النسائية الفاعلة .

 

وهذه الجهات تستطيع القيام بدور ما إذا ما توفر لها الدعم المالي ، نظرا لأنها لا تملك المال حالياً  مثل الجماعات الاسلاميه التي يتوفر لها الدعم المادي والمعنوي .

كما أن التقرير قام ببعض التعريفات والتصنيفات التي تخدم أغراض التقرير مثل وصف المعتدين المطلوبين ، والمعتدل حسب التقرير هو :

1.    من يرى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية .

2.    يؤمن بحريات متعددة للمرآة .

3.    يؤمن بحق الأقليات في تولي مناصب عليا .

4.    يدعم الليبرالية بتياراتها المختلفة .

5.    يؤمن بتباين دينين رئيسيين " اليسار التقليدي "  رجل الشارع العادي " والصوفية " وأن يعارض كل طرح "وهابي " .

كما أن التقرير صنف " المعتدلين " إلى ثلاثة أصناف وهي :

1 . العلماني الليبرالي الذي لا يؤمن بدين .

2 . أعداء المشايخ " مثل الأتراك والتونسيين " .

3 . الإسلاميون الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية مع الإسلام .

في التقرير أيضاً تم ذكر عدد من المراكز الرئيسية التي يمكن دعم جهودها لإيضاح " الإسلام الحقيقي " وجميعها توجد في خارج الشرق الأوسط .

التقرير عبارة عن دراسة عميقة للعالم الإسلامي جميعه ، وحدد أيضاً خطوات يجب إتباعها وتنفيذها للوصول إلى الهدف ، كما أنه عمل بطريقة ممتازة ويوجد تسلسل منطقي للأفكار فيه .

 

ما الحل إذاً ؟

هـناك رؤى متـعددة وأحياناً عدم مبالاة بالقضية ، فالبعض يعتـقد أن الـموضوع مـوجه تحديداً للمملكة " ، وهذا تبسيط كبير لهدف التقرير ، والبعض الآخر يعتقد بفشل الخطة برمتها لأسباب ربما  أنها عاطفية وحسب .

ولكني أعتقد أن الحاجة ماسة إلى اتخاذ عدد من الخطوات ومنها :

1 . الاتصال بالمعاهد والمراكز التي تحظى بقبول في الأوساط الغربية لطرح قضايانا وأفكارنا .

2 . أهمية توحيد الصف الداخلي واحتواء الجماعات التي يمكن أن تقف على الطرف الآخر ، ويلزم جعلهم يقفون ضد الاختراق .

3 . أهمية إنشاء مراكز دراسات إستراتيجية وتخصيص مسئولين وباحثين ذوي قدرات عالية وتقديم الدعم المالي اللازم لتقوم بمهامها على الوجه الأمثل .

4 . ضبط الفتاوى في القضايا السياسية والإستراتيجية نظراً لأن بعضها تُتخذ كذريعة أو شاهد على موقف ما ..... وبالمناسبة فإن أحد الملاحق عبارة عن مقال طويل للرئيس الإندونيسي " وحيد " بمسمى " الإسلام الصحيح والإسلام الخطأ " وهو عنوان غريب لكن محتواه كان ردة فعل بسبب فتوى صدرت من أحد المشايخ حول كارثة تسونامي التي قتل فيها أكثر من (240) ألف نسمة في إندونيسيا ...والآن نرى ان المسلمين يرون إن هناك إسلام خطأ وآخر خطأ ...وربما ان القصد التطبيق وليس المضمون .

5 . ضرورة تجاوز الخلافات المذهبية والعرقية والتقسيمات للمجتمع المسلم حتى لا تكون تلك  الخلافات أرض خصبة تساهم في تنفيذ المشروع .

6 . البعد قليلاً عن الغرور والثقة بالنفس المفرطة والاستهانة بمثل تلك التقارير فعالمنا  الإسلامي  ومجتمعاتنا اليوم ليست بقوة وصلابة الدول الشيوعية ،ونعرف ماذا يحدث في تلك الدول اليوم .

7 . يجب معرفة حقيقة هامة أن العالم الإسلامي يزيد عن المليار نسمة ، ليسوا جميعهم يسمعون بعض الأصوات التي تعتقد  خطأً أنها تخاطبهم ، ثم يتخذها المفكرون والسياسيون الغربيون أساسا  لبناء خطط وأفكار قد تنعكس سلباً على مجتمعاتنا .

8 . أخيراً فنحن هنا في المملكة يجب التفكير بحجم التغيرات التي حصلت داخل مجتمعنا خلال  العشرين سنة الماضية ومقارنتها بما قبلها ... كيف تم ذلك ؟ وما هي الأسباب ؟

تحياتي للجميع ،،،

 

 

                                                         محمد بن يحيى الجديعي

                                    29ربيع الأول 1428هـ