الأحد، 28 فبراير 2010

معركة الزلاقة

بسم الله الرحمن الرحيم

معركة الزلاّقة (479هـ 1086م)




1. المقدمة . الحمد لله رب العالمين ،ناصر جنده الموحدين المجاهدين في سبيله رافعين راية الإسلام ضاربين بالسيف أعناق الكفار الملحدين ، أما بعد فان معركة الزلاقه من المعارك الإسلامية الكبيرة والتي كان لها دوراً كبيراً بعد الله في صمود الدولة الإسلامية لعدة قرون أمام المد المسيحي الأسباني الذي سمي فيما بعد بحرب الاسترداد ، ولقد تم بحث هذه المعركة والكتابة فيها من عدد غير قليل من الكتاب والباحثين ،ولكن أما بسرد تاريخي أو بطريقة متحمسة بعيده عن التدقيق في الأمور العسكرية والتخطيطية التي أديرت بها المعركة من الجانبين ،كما أن هذه المعركة ليس لها الشهرة الكبيرة مثل الكثير من المعارك الإسلامية الخالدة في تاريخنا الإسلامي الحافل ، وقد يكون لوقوعها على أطراف الدولة الإسلامية من جهة الغرب وبعدها عن مركز الخلافة الإسلامية دوراً في جهل الكثير من تفاصيل هذه المعركة ، وحيث أن بعض المراجع بالغت كثيراً في بعض الأمور كعدد القوات لدى الطرفين وعدد القتلى والشهداء فقد أخذتُ الأرقام التي تكررت في أكثر من مرجع ،ولا يوجد مرجع واحد يمكن الاعتماد عليه بشكل قاطع على الرغم من أن الأسبانيين لديهم مراجع تختلف قليلاً في محتواها عن المراجع الإسلامية وهذا طبيعي نظراً لاختلاف زاوية الرؤيا لدى الطرفين.المهم أن كثيراً من مبادئ الحرب التي تدرس في الكليات العسكرية اليوم قد تم تطبيقها بعضها أو جميعها من أحد الطرفين أو كلاهما ويمكن معرفة ذلك من خلال ثنايا البحث ، لقد أخذ هذا البحث وقتاً طويلاً لإعداده وإخراجه وذلك بسبب كثرة المراجع التي تم التحقق من بعض التفاصيل فيها ، حتى يظهر البحث بواقعية أكبر آمل أن أكون قد وفقت في جمع ما يفيد القارئ الذي يبحث عن ما يفيد . (إذا كنت وفقت في عملي فذلك منّه من الله سبحانه فله الحمد والشكر ، وان قصرت في جانب فالكمال لله سبحانه وأعتذر لذلك القصور ) وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم .

2. نبذة تاريخية عن الأندلس. عرفت أرض الأندلس العرب في نهاية القرن الأول الهجري وفي مطلع القرن الثامن الميلادي عندما أنطلق مسلمي العرب حاملين رسالة سماوية حضارية تشع نوراً وهداية وينبوعاً لا ينضب للعلوم في وقت كانت أوروبا تغط في ظلام الجهل والتخلف وسيطرة رجال الدين على كل الأمور بمساعدة الحكام والملوك مما زاد الشعوب تخلفاً وظلماً وقهراً.

والأندلس تعبير جغرافي يطلق على البلاد التي تقع جنوب غرب أوروبا ،وقد سكنها بعد الطوفان قوم يعرفون بالأندلش حيث سميت البلاد باسمهم وقد غير العرب الشين سيناً .

في عام 708م حاصر العرب مدينة سبته في المغرب التي كان يحكمها الكونت( يليان) نسيب الملك القوطي (غيطشه )الذي كان يحكم الأندلس فهب الملك وأرسل أشجع جنوده الى سبته لمساعدة يليان ولم يستطع العرب فتح سبته لمناعتها ووجود دفاع محكم حولها ،ولكن خلال هذه الفتره استغل (لذريق) فرصة عدم وجود الجيش فقام بخلع الملك غيطشه وحل ملكا مكانه ، هذا في الوقت الذي كانت المغرب كلها تخضع لسلطان موسى بن نصير* الا أن سبته بقيت منيعة وقويه .كان موسى يتوق دائما الى فتح سبته وتطهيرها من حكامها ،وبينما موسى يفكر في إيجاد وسيلة لفتحها جاءته رسالة من يليان يعرض عليه تسليم سبته ويدعوه أيضا لفتح أسبانيا ، وذلك سعيا منه لاسترداد مملكة نسيبه غيطشه في أسبانيا حيث كان يعتقد أن العرب إذا ما استولوا على غنائم كبيره سيعودون أدراجهم إلي المغرب ،وقد اجتمع موسى مع يليان على ظهر سفينة بعرض البحر ،ثم بعث موسى ببعثة استكشافية لجمع المعلومات عن طبيعة الأرض والحالة السياسية والاجتماعية العامة في بلاد الأندلس ،وقد كانت الحملة بقيادة "طريف بن مالك البربري " المكنى بأبي زرعة ،وفي نفس الوقت إتصل بالخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وأطلعه بنيته فتح الأندلس فكتب له الخليفة بأن يقوم باختبار إمكانية فتح أسبانيا بالحملات الصغيرة وألا يقذف بالمسلمين في لجج البحر .

كانت تلك الحملة في رمضان عام 91 هـ وكانت تتألف من (500) مقاتل بينهم (100 ) فارس عبروا المضيق على ظهر( 4 ) سفن قدمها لهم يليان وقد نزلت بجزيرة طريفة التي سميت ولا تزال باسمه ثم إجتاحت الجزيرة الخضراء في طريقها إلي داخل الأندلس وقد قوبلت بترحاب كبير ثم عادت محملة بغنائم كثيرة دفعت موسى بن نصير بأن يقوم بعملية الغزو وفتح الأندلس، وقد جهز جيشا بلغ تعداده (7000 )مقاتل جلهم من البربر بقيادة طارق بن زياد بن عبد الله النفري* وقد كان حاكماً لطنجة وهو من أنجح القادة حيث ظهرت مواهبه العسكرية أثناء توليه ولاية طنجة ، ولقد كان دور يليان كبيرا في تجهيز الجيش والتعريف ببعض تضاريس المنطقة وقد نزل طارق بالجبل الذي سمي باسمه حتى اليوم نهار الاثنين 5. رجب 92هـ .



استمر تقدم طارق يفتح القلاع ويهزم القوط حتى تم إبلاغ الملك لذريق الذي كان مشغولا بالجبهة الشمالية فعاد مسرعاً لطليطلة مقر حكمه وجهز جيشاً كبيراً لمواجهة المسلمين ،وعندما عرف طارق بحجم جيش العدو أستنجد بموسى بن نصير فدعمه ب(5000 مقاتل) من المسلمين العرب والبربر وقوة صغيرة من قوات يليان وحدثت المعركة التي كانت تعتبر هي القاصمة للقوط وقد تمكن المسلمون من إحراز نصر حاسم في معركة وادي (لكة) وذلك في يوم الأحد 28 رمضان 92 هـ الموافق يوليو (تموز) 711م . بعدها قامت القوات المسلمة بالانتشار والاستيلاء على المدائن الأسبانية في الجنوب حتى دخلت طليطله في أوائل عام 93هـ .


أما إبن كثير في البداية والنهاية فانه يذكر أنه في سنة 92 للهجرة غزا طارق بن زياد مولى موسى بن نصير بلاد الأندلس وقاتل ملكها لذريق الذي قابله في جحافله وعليه تاجه ومعه سرير ملكه فهزمه طارق بن زياد وغنم ما في معسكره وقال بن كثير " كان طارق بن زياد أمير طنجة وهي أقصى بلاد المغرب وكان نائباً لمولاه موسى بن نصير فكتب إليه صاحب الجزيرة الخضراء يستنجد به على عدوه فدخل طارق إلي جزيرة الأندلس من زقاق سبته وانتهز الفرصة لكون الفرنج قد اقتتلوا فيما بينهم وأمعن طارق في بلاد الأندلس فافتتح قرطبة وقتل ملكها (ادرنيوق) وكتب الى موسى بن نصير يخبره بالفتح ، فحسده موسى على الانفراد بهذا الفتح ، وكتب الى الوليد بن عبد الملك يبشره بالفتح وينسبه الى نفسه وكتب الى طارق يتوعده لكونه دخل بغير إذنه ويأمره بأن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به ثم سار إليه مسرعا بجيوشه فدخل الأندلس ومعه حبيب بن أبي عبيد الفهري فأقام سنتين يفتح بلاد الأندلس ويأخذ المدن والأموال ويقتل الرجال ويأسر النساء والأطفال فغنم شيئا لا يحد ولا يوصف ولا يعد من الجواهر واليواقيت والذهب والفضة " •



ويرى الباحث أن المقولة المشهورة ( أيها الناس البحر من خلفكم ، والعدو من أمامكم ……….) التي يذكر أن طارق بن زياد قالها بعد نزوله الى اليابسة اثر حرقه للسفن التي إجتاز بها المضيق غير صحيحة مطلقاً لعدة أسباب ومنها ما يلي :

1. عرف عن طارق بن زياد الحكمة وبعد النظر والانضباط والثقه بنصر الله له ثم ثقته بجنوده التي لا حدود لها والدليل تململهم أثناء الزج به في السجن بعد مقابلة موسى بن نصير ولم يعرف عنه التهور وعدم حساب عواقب ما يقوم به.

2. لم يكن هناك أي عدو عند نزوله الى الأندلس وأقرب معركة خاضها هي بعد نزوله بحوالي شهرين وثلاثة وعشرون يوماً بل أن الأندلسيون كانوا فرحين بقدوم القوات المسلمة التي ستريحهم من ظلم وجور قوات لذريق .

3. مكان أول معركة مع الملك لذريق يقع في (وادي لكه ) يبعد عن ساحل البحر بمسافة كبيرة.

4. لم يذكر في أي مصدر تاريخي موثوق به أنه قام بهذا العمل .

5. السفن التي عبر بها بحر سبته (مضيق جبل طارق ) لم تكن لطارق أو من أموال المسلمين ، ولكنها ملك لحاكم سبته ( يليان) وبالتالي ليس من حق طارق أن يحرق ما ليس في ملكه .

المهم أن الحكم العربي الإسلامي للأندلس دام فترة طويلة تعاقب عليها الولاة من بني أميه وقد أذعنت كل البلاد للمسلمين وواصلوا الفتوحات حتى وصلوا الى جنوب فرنسا وما وراء جبال (البرانس ).

وقد شبه فتح الأندلس من قبل المسلمين باللإنهيار السريع في الأندلس حيث ذكر وجود خيانات في صفوف الجيش التابع لملك القوط وكذلك ما قام به (يليان ) من دعم مادي ومعنوي وقيل أنه هو صاحب الفكرة الأساسية لغزو الأندلس انتقاما من خلع نسيبه (غيطشه) من قبل (لذريق) ، كما ذكر أنه كان هناك نقمه شعبيه وغضب وسخط عارمين يغليان في صدور الأندلسيين والشعب الأسباني من جراء ما كانوا يلقونه من ظلم وقهر وجور حكامهم لهم مما دفعهم للترحيب بالقوات المسلمة وتقديم الدعم والمساندة لها ، وكذلك ذكر أن للأوضاع الاقتصادية السيئة وما يلقاه المواطن العادي من أصحاب الأراضي والإقطاعيين الأسبان دورا في تقبل الغزو لعل الأحوال تتعدل على أيدي القوات المسلمة ، ولكن كثيراً من المؤرخين في تلك الفترة نسوا أن الجيش الإسلامي انطلق يحمل نوراً وعدلاً وهداية ومتسلحاً بإيمان قوي وعزيمة راسخة كما أنه قد كسب خبرة كبيرة ويتمتع بحاله معنوية عالية بدليل وصوله الى تلك المناطق فاتحاً محققاً الانتصارات المتتالية يجابه المخاطر الجسيمة بكل شجاعة وإقدام فأما النصر أو الشهادة .

3.الحالة السياسية والاجتماعية في الأندلس قبل معركة الزلاقة .

     أ‌. حالة المسلمين .

إن من يقرأ تاريخ المسلمين في الأندلس في الفترة التي تسبق المعركة يجد أن الوضع العام لم يكن مستقرا ، وكانت الأوضاع أما معارك وقتال مع الأعداء على أطراف الدولة الإسلامية بسبب الحروب التي يسميها الأسبان حروب الاسترداد ، أو صراع داخلي وقتال بين الطوائف الإسلامية نفسها بسبب رغبة كل حاكم في السيطرة والانفراد بالحكم ،وقد كان لهذا السبب الأثر الكبير في تفتيت القوى وتشتيتها و إضعاف البنى الأساسية وشغل المسلمين عن التهيؤ وبناء الجيوش للغزو أو لصد أعداء الأمة على أقل تقدير .


فبعد أن كان الأمويون ينشرون وحدة شرعية على كافة أرجاء الأندلس قامت دول الطوائف فكان هناك عرب ،وبربر، ومولدين ،ومستعربين كل منها له توجهاته واهتماماته التي تتنافر مع الأخرى ، فتناحرت هذه الدول فيما بينها ،وانفصمت عرى الوحدة وقامت دوله في كل مدينه حتى وصلت الى ثلاث وعشرون دولة صغيرة وتلقب حكامها بألقاب الخلفاء ، يقول الشاعر العربي ابن رشيق :

ما يزهدني في أرض أندلسي سماع مقتدر فيها ومعتضـــد

ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاضا صولة الأسد

ويقول ابن الخطيب :

حتى اذا سلك الخلافة انتثر وذهب العين جميعا و الأثـر

قام بكل بقعـــة مليك وصاح فوق كل غصن ديك

ويقول القائد الأسباني الفونسو السادس لرسول المعتمد ابن عباد * {كيف أترك قوما مجانين تسمى كل واحد منهم باسم خلفائهم وملوكهم وأمرائهم ، المعتضد ، والمعتمد ، والمعتصم ، والمتوكل ، والمستعين ، والأمين ، والمأمون ،وكل واحد منهم لا يسل في الذب عن نفسه سيفا ولا يدفع عن رعيته ضيما ولا حيفا ، قد أظهروا الفسوق والعصيان ، واعتكفوا على المغاني والعيدان}•

ان أكبر دليل على معانات الدولة الإسلامية في الأندلس من الطائفية والقبلية ما حدث في معركة بلاط الشهداء في جنوب فرنسا ، حيث مني المسلمين فيها بخسائر جسيمة جراء الصراع الداخلي بين صفوف الجيش الإسلامي وبالأخص بين العرب والبربر .

كما أن انغماس الحكام الجدد في دول الطوائف في الملذات وما يحدث في دولهم من جراء الفساد والظلم جعل الكثير منهم يحالف النصارى ضد إخوانه المسلمين في الدول المجاورة ويدفع لهم الجزية مقابل الاحتفاظ بعروشهم الواهية من خلال المرتزقة النصارى الذين يُدفع لهم مقابل حماية الحاكم من مواطنيه ، كل ذلك أدى الى انهيار الحالة المعنوية للشعب الأندلسي المسلم الذي زادت أعباء الحياة عليه وهو يدفع الجزية والضرائب لحكام وأمراء خونه متخاذلين ومبتزين ، بعد أن كان هذا الشعب ينعم بعيش رغيد وحياة مترفة.

أخيرا فان سقوط طليطلة بعد حصار دام سبع سنوات أحدث دويا هائلا في العالم الإسلامي وزاد تدهور الحالة المعنوية للمسلمين في الأندلس وبات المسلمين هناك في حاله من الذهول والضياع وغادروا المناطق المتاخمة للأراضي التي يحتلها الفونسو السادس ،ويمكن ملاحظة حالة الضياع والتشرد الذي حل بأهل الأندلس من أبيات للشاعر عبدالله اليحصبي المشهور بابن العسال الطليطلي حيث يقول :

يأهل أندلسي حثوا مطيتكم فما المقـام بها الا من الغلــط

الثوب ينسل من أطرافه وأرى ثوب الجزيرة منسولا من الوسط

ونحن بين عدو لا يفــارقنا كيف الحياة مع الحـيّات في سفـط



وقد كان للعامل الجغرافي الذي أبعد مركز الحكم الإسلامي عن الأندلس كبير الأثر في أن تكون الحكومات التي تقام بعيده عن الحكم المركزي للخلافة الإسلامية ضعيفة واهنة ،وذلك لأن الجهاد الإسلامي قد تم تعطيله بناءا على رغبات بعض الخلفاء من بني أميه بدءاً بالوليد بن عبد الملك الذي أوقف زحف الجيش الإسلامي في جنوب فرنسا وقد ذكر سببين لقيامه (الوليد) بهذا العمل وهما:

(1) خوفه على المسلمين من مغبة الزحف في أوربا في ظل بعد الجيوش الإسلامي عن قواعد إمدادها ودعمها الرئيسية .

(2) الخشية من أن تقام دوله إسلامية أخرى على غرار الدولة الإسلامية مقر الخلافة ،وبالتالي الانفراد بما حققته الجيوش الإسلامية هناك من غنائم وأسرى.


     ب.حــالة النصارى .

ان عملية إيقاف الجيش الإسلامي وهو يحقق الانتصارات جعل الجيوش النصرانية تسترد أنفاسها وتوحد صفوفها وتعد نفسها للقيام بغارات متواصلة وعنيفة ، وبالأخص بعد زوال دولة بني أمية من الأندلس وقيام دول الطوائف تلك الدول الضعيفة الهشة التي تزلزل عروش بعضها البعض بدوافع بعيده كل البعد عن الوازع الديني ، وقد بدأ الأسبان حملاتهم تلك بدوافع دينيه ورغبه في طرد العرب من الأندلس بدافع قومي ،وكان هذين الدافعين ( الديني ، القومي ) سببين رئيسيين في شن حرب شرسة ضد المسلمين سميت بحروب الاسترداد.

وقد بدأت هذه الحرب على يدي الملك سانشو في بداية القرن الحادي عشر الميلادي ، وذلك بأن وحد الدول النصرانية عن طريق المصاهرة ، وفي الوقت نفسه يشن الحرب بتنظيم جديد ودعم كبير من الكنيسة والإقطاعيين الذين كانوا يمتلكون الأراضي ويخضعون عنوه تحت الحكم الإسلامي ، ثم استمرت تلك الحرب على يد ابنه فرديناند حتى وفاته عام 1065م ، ثم جاء الحفيد الفونسو السادس الذي بدأ التقرب من الكنيسه البابوية في روما رغبة منه في مزيد من الدعم من خلال الخزان الأوربي الكبير الذي كان يمد في نفس الفترة الحملات الصليبية المتجهة الى المشرق (القدس) بل أن البابا "أوربانوس" أصدر أمره للجهاد في أسبانيا واعتبر ذلك الجهاد أعلى مرتبه وأرقى من الجهاد الآخر المتجه الى (القدس) .

كان الفونسو هذا قد لجأ الى طليطلة هربا من أخيه ودخل في خدمة صاحبها ابن ذي النون وتمكن خلال تلك الفترة من معرفة طبيعة الحياة في طليطلة وعرف جميع دروبها ومسالكها ، وبعد أن خرج منها كانت من أوائل المدن التي جهز جيشا كبيرا وضرب حصارا عليها دام سبع سنوات حتى سقطت في عام 1085م الموافق شهر صفر من العام 478 الهجري . [ويرى الباحث أن الفترة الطويلة التي استمر حصار طليطلة فيها والتي امتدت الى سبع سنوات تبين الى أي مدى وصل التخاذل واللامبالاة بين صفوف المسلمين في تلك المرحلة ففي الوقت الذي تلقى القوات النصرانية الدعم الهائل المادي والمعنوي من الكنيسة ، يظل العالم الإسلامي بعيدا عن المحنه الكبيرة للمسلمين في هذه المدينة فيضرب الحصار حولها لمده زمنية طويلة دون أي مبادرة بأي دافع كان لرفع الضيم والشدة التي تعتصر المسلمين هناك ، ولم يكن إخراج المسلمين من الأندلس بعد هذه المحنه إلاّ عملية وقت يتم إخراج المسلمين بعد انتهاءها ].

عندما سقطت طليطلة شعر الفونسو أنه قادر على أن يسقط جميع دول الطوائف التي كانت تعيش حالة من الفوضى والضعف وسوء الحالة المعنوية ، وبدأ يضرب الحصار على المدن ويستولي على القلاع ، ثم بدأ يضغط على الممالك القريبة مثل بطليموس وأشبيليه حيث يرسل لهم الرسل يهدد ويتوعد ويفرض الجزية.


4. الأسباب المباشرة لمعركة الزلاقة .

كان السبب الرئيسي لمعركة الزلاقه هو السلوك والنهج الذي يتبعه الفونسو السادس في التعامل مع المسلمين وذلك بالدافعين المذكورين سابقا ((دافع ديني ،ودافع قومي )) .ساعده في ذلك الضعف العام بين المسلمين وقد أمعن في الإهانة للحكام المسلمين بعد ان رأى الحصون والقلاع والمدن والقرى تتساقط إمام هجماته . فتوجه الى مملكتين متجاورتين مسلمتين كانتا الأكبر من بين دول الطوائف وهما بطليوس وأشبيلية . وقد كانتا تدفعان الجزية له ، ولكن سلوك الفونسو ابي عليه الا ان يضغط عليهما وقد كانت طلباته أوامر تجاب دون تردد . لكن المتوكل بن الأفطس مالك بطليوس كان حازما وشجاعا عندما تصدى لمبعوث الفونسو الذي قدم لاستلام الجزية ويتوعد المتوكل بشر العواقب ان لم يدفع . لكن المتوكل رد عليه وذكره بالماضي القريب وجاء في رساله بعث بها الى الفونسو ما يلي :

(( لو علمت ان لله جنودا عز لهم كلمه الاسلام واظهر بهم دين نبيينا محمد صلى الله عليه وسلم اعزه على الكافرين . واما تعييرك للمسلمين فيما وهي من أحوالهم بالذنوب المركومه ولو اتفقت كلمتنا مع سائرنا من الأملاك علمت أي أصاب أذقناك كما كان آباءك تتجرعه ، بالأمس كانت قطيعه المنصور على سلفك أهدى ابنته اليه مع الذخائر التى كانت تفد كل عام عليه )).•

وكان المتوكل هذا اعلم أمراء الاندلس في تلك الفتره لهذا عهد له بمخاطبه يوسف بن تاشفين ليبادر بغوث المسلمين في الاندلس .

وجه الفونسوا أنظاره الى امارة المعتمد بن عياد في اشبيليه الأمارة الكبيره و القوية على الرغم من ان المعتمد كان قد ارتكب خطأ كبيرا عندما دعم الفونسوا السادس في حصاره لطليطله ، وعندما سقطت طليطله شعر بذلك الخطأ الكبير قرر ان يحطم قوى النصرانيه فكتب للفونسوا ان لا يتعدى حدود طليلطله علما بانه كان يدفع له الجزيه كان الفونسوا قد أجرى معاهدات وشروط ويرغب في أن يراعي تلك المعاهدات وفي الوقت نفسه يرغب في اسقاط اشبيليه فهي اقوى الدول الموجوده . ولم يكن له الا ان يطلب شروطا وأمور يستحيل على المعتمد القبول بها وتنفيذها فقد كان يطلب منه التخلي عن بعض الحصون والقلاع ثم طلب منه ان يسمح لزوجته القمطيه أن تلد داخل جامع قرطبه وذلك بناءا على نصيحة الأساقفة لديه [المسجد بني على أنقاض كنيسة ] و أن تنـزل خلال تلك الفتره في مدينه الناصر(الزهراء) .وقد ارسل اليه اليهودي ابن شالب في خمسمائه فارس لأخذ الجزيه وقد أمعن ذلك اليهودي في أهانه المعتمد فأخذته العزة الإسلامية والعربية والنخوة الأصيلة فقتل الخمسمائة فارس جميعهم وصلب اليهودي ثم عقد العزم بالاستنجاد بالمرابطين في المغرب نظرا لعدم وجود قوى إسلامية يمكن الاستعانة بها وقد طلب من حاكم بطليموس (المتوكل بن الأفطس ) وحاكم غرناطه (عبد الله بلقين الصنهاجي ) ان يشكلوا بعثه من القضاة تحمل رسالة من المعتمد الى يوسف بن تاشفين بالإضافة الى وعظ وترغيب الأمير يوسف في الجهاد وكذلك كان على ابن زيدون وزير المعتمد ابرام العقود والمواثيق وتدوين المحادثات .



5.استعداد قوات الطرفين للمعركه.

    أ .قوات المسلمين :

       (1) كانت مراسلات واجتماعات المعتمد بن عباد مع بعض الدول المجاورة ودعوته ليوسف بن تاشفين بغوث المسلمين في الأندلس بداية استعداد القوى وتجميعها للحرب مع النصارى 0

       (2) بعد مشاورات ومداولات طويلة بين يوسف تاشفين من جهة ومبعوثي الحكام الأندلسيين من جهة أخرى قرر يوسف بن تاشفين تلبية الدعوة وقد تم عبور المضيق في ربيع الأول (479 هـ ) أغسطس الموافق ( 1086 م )0

       (3) كان في استقباله في الجزيرة الخضراء المعتمد بن عباد وبعض القضاة والفرسان وسلمه الجزيرة التي شحنها بالمؤن والذخائر وشدد الحراسة عليها تحسبا لفشل الحملة على الأندلس وحتى تكون بداية طريق العودة الأمن له ولجنوده 0

      (4) بعد شيوع الأخبار عن مقدم يوسف بن تاشفين ونيته على جهاد النصارى تدافع المتطوعون للالتحاق بالجيش الإسلامي وبدأ أئمة المساجد في شحذ الهمم والدعوة للجهاد وقد أحضر يوسف بن تاشفين عدد من الجمال التى كانت تستخدم في القتال بين صفوف جيشه أكثر من الخيل وهي أكثر ملائمة للبيئة الصحراوية التي كانوا يقطنوها في افريقيا 0

      (5) مر الجيش الإسلامي في طريقه لمقابله جيش الفونسو بمملكه بطليوس التي أمر مليكها بجمع الجند والخيل والدواب والمؤن لدعم القوات المسلمة المجاهدة 0

      (6) كانت تجهيزات الجيش الإسلامي تتكون من الدرق والسيوف والقنا والخناجر والمزاريق وتستخدم الجمال والخيول وكان هناك رماه مهره مزودين بالسهام والنشاب 0

      (7) بمجرد ان قرر يوسف بن تاشفين محاربة الفونسو السادس بعث بوكلاء له ليشتروا الأسلحة ويختاروا الرجال وللتزود بالمؤن من كل البلاد بما فيها الأندلس نفسها كما أستنفر جميع أصحاب المهن كالنجارين و البنائين والحدادين للمساعدة في تجهيز الجيش .

     (8) قسمت القوات المسلمة الى قسمين الأول (الأندلسيين) بقيادة المعتمد بن عباد كقائد للقوة الرئيسية (الجناح الأيسر) و جناح بقيادة المتوكل بن الأقصى .والقسم الآخر (المغاربة) بقياد يوسف بن تاشفين و قائديه داوود بن عائشة و سير بن أبو بكر.

      (9) كان للمعلومات الاستخبارية الدقيقة التي قدمها المعتمد بن عباد ليوسف بن تاشفين دورا كبيرا في إيضاح غموض طبيعة الأرض وشخصية القائد المقابل(الفونسو السادس)ووضع الخطة النهائية للمعركة .

     (10) تحركت القوات المسلمة إلى مكان منبسط تتخلله بعض الأحراش في ضاحية سرقسطه سماها العرب (الزلاقه ) *وتسمى في أسبانيا (سكر الياس ) وهي في شمال بطليموس على مقربه من الحدود البرتغالية حاليا.



     ب . قوات النصارى .

         (1) عندما علم الفونسو السادس بقدوم قوات يوسف بن تاشفين كتب كتاب للمعتمد بن عباد ويوسف بن تاشفين يذكرهما بإن لديه قوات ومؤن ويهدد ويتوعد ويعدد قواته وعدته وعتاده فرد عليه يوسف بن تاشفين بكلمات بسيطة وموجزه ردا على كتاب طويل وقال في رده (الذي يكون سوف تراه ) .

       (2) قرر الفونسو الخروج من مقر العاصمة في طليطلة ومقابلة الجيش الإسلامي بعيدا عنها على الرغم من مناعتها ولكنه فكر في أن تكون الملاذ الآمن له لو تعرض جيشهم لأي نكسه وليحافظ على طليطلة من أي تخريب قد يمسها نتيجة للقتال .

      (3) كان عدد قوات الفونسو ( 180 ألف ) منهم ثمانون ألف من الفرسان تجهز أربعون ألفا منهم بالأسلحة الثقيلة ولبس الخوذات والدروع والزرد .

       (4) بلغ الاعتداد بالنفس والقوات الكبيرة المسلحة تسليحا جيدا مبلغه لدى الفونسو السادس وأخذه الغرور إلى أن قال (( بهذا الجيش أقاتل الإنس والجن وملائكة السماء)).

      (5) عندما علم الفونسو بمقدم يوسف بن تاشفين استنفر أهل بلاده فجاءه المدد من جليقة وليون وقشتاله ومن الولايات الفرنسية الجنوبية يتقدم تلك القوات الرهبان والقساوسة والأساقفة برفع الصلبان والأناجيل .

      (6) كثف الفونسو من عمليات جمع المعلومات فأخذ يتسقط الأخبار ويبث العيون الأرصاد وتحرك بقواته الى السهل القريب من بيطليموس (الزلاقه) ، وتلقى خلال تحركه رسالة يوسف بن تاشفين التي تدعوه الى الإسلام أو دفع الجزية مما أدى الى اشتداد غضب الفونسو وشعوره بالمهانة لأن بعض المسلمين في تلك الفترة كان يدفع له الجزيه لذلك قال انه لا يعبأ بتلك العروض المهينه وان جيشه كفيل بإنزال العقوبة بإبن تاشفين .

     (7) قام الفونسو بالاتفاق مع يوسف بن تاشفين على يوم المعركة وخالف الاتفاق لما عرف عنه من مكر وغدر ومحاولة الحصول على المبادئه وتحقيق المفاجأة ضد القوات المسلمة .


6. سير المعركة .

بعث الفونسو السادس إلى يوسف بن تاشفين يوم الخميس (11رجب 479 للهجرهـ الموافق 22 أكتوبر 1086 م) . بكتاب قال فيه ((إن غدا يوم الجمعة لا نحب مقابلتكم فيه لانه عيدكم وبعده السبت عيد اليهود وهم كثير في محلتنا .وبعده الأحد عيدنا ، فنحترم هذه الأعياد ويكون اللقاء يوم الاثنين ).*

وقد كان لمعرفة المعتمد بن عباد لشخصية الفونسو دورا في معرفة ان ما قام به الفونسو لا يعدو ان يكون خديعه ومكرا منه فبعث ليوسف بن تاشفين ينبهه بذلك ،ويذكره بان الفونسو لن يحترم عيد المسلمين بل سيهجم يوم الجمعة وطالب بان تكون القوات المسلمة مستعدة طول نهار يوم الجمعة ،أرسل الجواسيس لرصد حركة جيش الفونسو واستطاعت هذه العيون ان تنقل الحقيقة للمعتمد ببدء تحرك قوات الفونسو باتجاه قوات المعتمد وان من أهم الأهداف هو القضاء على المعتمد نفسه لانه السبب الرئيس لهذه المعركة.

عند السحر يوم الجمعة 12 رجب 479 هـ 22 أكتوبر 1086 م بدا هجوم عنيف من قوات لودريك على القوات التى تدعم قوات المعتمد ، وكانت بقيادة داود بن عائشة وتصدت لها فرسان ابن عائشة بكل بسالت فارتدت الى الوراء على الرغم من خسارة بعض الفرسان الشداد لابن عائشه. ثم بدأ الهجوم الثاني تصحبه أصوات وصياح هائل لإرهاب قوات المعتمد وكان القائد هو الفونسو نفسه فتراجعت القوات المسلمة تحت الضغط الشديد لقوات الفونسو لدرجة ان الفونسو قد أيقن من تحقيق النصر لانه لم يعرف بالقوات الرئيسة التى تأتمر بيوسف بن تاشفين المختبئة وراء ربوة الى اليسار من جيش المعتمد بن عباد .

وعندما شعر يوسف بن تاشفين بضعف القوات المسلمه أرسل القائد الفارس الآخر سيربن ابي بكر بقوات من الحشم ((كان يطلق هذا الاسم على قبائل زناته ومصموده وغماره )) لنجدة قوات المسلمين فتقوّت القوات المسلمة وزاد صمودها بينما قام هو بعملية التفاف كبيره وسريعة بالقوات الأخرى الى مؤخرة جيش الفونسو ، فحرقت الخيام واستولت على العتاد وحاصرة قوات الفونسو التى لم يكن لها ما يسترها من الخلف وصاحب ذلك الهجوم المباغت أصوات الطبول ورغاء الجمال الذى واصل عنان السماء وخسر الفونسو ما يقارب عشرة آلاف وحرس المؤخرة لديه قبل ان يصله الخبر المفاجئ .

وعندما حاول الفونسو المقاومة والتقهقر بعد قتال ضار دام عدة ساعات غطت الدماء فيها ساحة المعركة زج يوسف بن تاشفين بالحرس الخاص ((السودانيين )) ،الذين يعتبرون كقوات صاعقة ولها نوع مختلف من القتال وذلك لتحطيم ما بقى من مقاومه لقوات الفونسو التى تمزقت بالفعل حتى ان الفونسو كاد ان يقتل الا انه استطاع مع (500) خمسمائه من فرسانه عند حلول الظلام من الإفلات من سيوف المرابطين بعد ان أصيب الفونسو بطعنه خنجر في فخذه من أحد الفرسان السودانيين حيث أمر يوسف بن تاشفين بوقف القتال .


7.خسائر الطرفين .

نظرا لاختلاف المصادر في تحديد أعداد الخسائر لكلا الجانبين تماما كما كان الاختلاف في التحديد الدقيق لقوات الطرفين قبل بداية المعركة فإنه يمكن ذكر بعضا من الأعداد التي ذكرت ، لقد بالغت كثيرا من الروايات في تحديد عدد القتلى في جانب النصارى فوصل إلى (300) ألف قتيل بينما عدد جيش النصارى على أرجح الأقوال يصل إلى(180) ألف مقاتل وهذا يستبعد التقدير الأول من أعداد القتلى . بينما ذكر ان عدد الناجين من القتل تراوح بين (9)أشخاص فقط وهو الحد الأدنى أما الحد الأعلى هو نجاه (500)مقاتل . بينما وصل عدد شهداء المسلمين إلى (3000)رجل .
ومهما كانت تلك التقديرات فإن خسائر الجانب النصراني تفوق بكثير أعداد الشهداء المسلمين ، وقد ذكر أن يوسف بن تاشفين أمر في اليوم التالي للمعركة بجمع جماجم النصارى حيث صفت وشكلت هرما كبيرا في ميدان الزلاقه أذّن من فوقها للصلاة .


8.نتائج المعركه :

كان لمعركة الزلاقه نتائج كبيره وآثار متعددة على الطرفين ومنها ما يلي :

    أ.كان لعامل الحماس للجهاد في سبيل الله لدى القوات المسلمة دورا رئيسيا في تحقيق الانتصار الحاسم على القوى النصرانية .
    ب .ساهم هذا الانتصار في زيادة عمر بقاء الوجود الإسلامي في الأندلس لمده لا تقل عن أربعة قرون بعد ان بدأ المد النصراني يسقط الدويلات الاسلامية بدعم كبير من الدول المجاورة ورغبه في إخراج المسلمين من الأندلس .

    ج.تم شل حركه تقدم حرب الاسترداد النصرانية وتم تعطيل مسيرتها بعد النكسة التى تعرضت لها قواتهم فى الزلاقه .

    د.عاد توازن القوى بين المسلمين والنصارى فى الأندلس بعد ان بدأ يختل ذلك الميزان ويرجح لصالح القوات النصرانية .

    هـ. كان انتصار المسلمين انتصارا لكرامتهم وعادت العزة وثقه النفس للمسلمين بالأندلس (وارتفعت روحهم المعنوية )بعد أن بلغ اليأس مبلغه فى نفوسهم من جراء ما لحق بهم من ذل وهوان.

    و.إصابة النصارى بحاله ذهول تام ويأس وحزن آثرت بشكل كبير في الفكر والنفسية النصرانية كما فقد الفونسو السادس زهره جنده وعدد كبير من خيرة رجاله وقادته .

     ز.تخلص المسلمين من دفع الجزية للفونسو السادس وقد كانت تثقل كاهل خزائن إمارات الأندلس المسلمة وتستذلهم وتشعرهم بالهوان .

    ح.ربح المسلمون غنائم وفيرة أستمر جمعها ثلاثة أيام كاملة لدرجة أن المحارب كان يجر وراءه أربعه الى خمسة من الخيل وأعداد كبيره من الذخائر و العتاد .

    ط.تم رفع الضرائب الباهضة التى كانت تثقل كاهل العامة من الناس الذين كانوا يكدحون أيامهم ولياليهم ليتمكنوا من تلبية طلبات أمراءهم لإسكات الفونسو ودفع الجزيه له وقد فرح الأندلسيون فرحا شديدا دعاهم للدعاء ليوسف بن تاشفين بالنصر والعزة والكرامة لما لاحظوه من اهتمام بهم و إخلاص للمسلمين حيث كان قد رفض أخذ الغنائم لان هدفه كان الجهاد في سبيل الله وليس جمع الغنائم .

    ى .كانت معركة الزلاقة حلقه من حلقات الصراع الطويل بين المسلمين والنصارى الذين شنوا حروبا صليبيه عنيفة في الأندلس وفى المشرق الإسلامي تجاه بيت المقدس بدعم كبير وتمويل مادي ومعنوي ضخم من روما.

    ك. لم يعد للقشتالين أي خطر يذكر على غرب الاندلس بوجود قوات من المرابطين بقيادة سير بن أبي بكر في الاندلس يصل عددها الى (3000رجل) لا هم لهم الى حماية الاسلام والمسلمين والجهاد في سبيل الله .

   ل .تغيرت نظرة المسلمين في الاندلس لأمرائهم وملوكهم حيث رأوا عدم كفاءة أولئك الملوك مما مهد السبيل الى اسقاط دويلات الطوائف فيما بعد وسيطرة المرابطين على الاندلس بدعوة من المسلمين وبالأخص الرعايا وبعض الأمراء كالمعتمد بن عناد عندما رأى زيادة الفرقة والمشاحنات بين تلك الطوائف وزيادة غارات قوات الفونسو بعد أن استردت أنفاسها وتحالف بعض المسلمين مع الفونسو ضد إخوانهم المسلمين .

الدروس العسكرية في معركة الزلاقة.

كانت معركة الزلاقة حافلة بالدروس العسكرية والمبادئ التي عرفت الكثير منها بعد وبالأخص بعد أن بدأ المنظرون والكتاب العسكريون تأطير وصياغة تلك المبادئ ووضع الخطوط العريضة لها وكيفية تطبيقها .مع الأخذ بالاعتبار بأن مبادئ الحرب المعروفة اليوم ليست موحدة تماما .

فمن جهة المنظرين تجد أن عدد مبادئ الحرب عند كلاوزفيتز(1930م)هي(7)مبادئ ،أما كولين(1912م) فهي(7) وأيضا عند فوش(1919م) فعددها(8)مبادئ ،(6) مبادئ عند فوللر(1923م) ، وأخيرا فإن لدى منتجمري (1945م)مبدأين(2)فقط .



7 7 8 6 2


الاتفاق بنسبة 80% على المبادئ التالية.

    1. تركيز القوه والحشد .

    2. العمل التعرضي.

    3. المفاجأة.



مع الاختلاف في مبادئ و الاتفاق على مبادئ أخرى، ومن التطبيق الفعلي من قبل الجيوش فإن هناك أيضا اختلاف في عدد ونوع المبادئ المطبقة لكل جيش لديه (9)مبادئ والبريطاني لديه (10)مبادئ والروسي لديه (10)مبادئ أما الجيش الفرنسي فلديه (3)مبادئ .ولكن تم الاتفاق بين الجيوش الأربعة المذكورة على مبدأين وهما الحشد والمفاجأة .

الامريكي البريطاني الروسي

الفرنسي
9 10 10 3

# تم الإتفاق100% على(1) الحشد (2)المفاجأة .



وقبل أن نستعرض المبادئ التي تم تطبيقها من قبل القادة الذين هم القادة السياسيين في نفس الوقت وكان لهم دورا كبيرا في تطبيق تلك المبادئ لأنهم قادة بالفطرة .فقد كان يتميز كل من يوسف بن تاشفين والفونسو بحنكة ودهاء عسكري كبير وكانت الغلبة في نهاية المطاف للمسلمين التي أكدت التجارب التاريخية أنه كلما توفرت ثلاث عوامل هامة كان النصر حليفهم وتلك العوامل هي :

   1   .القيادة المؤمنة المسلمة .

   2  .الالتزام بتطبيق العقيدة القتالية الإسلامية .

   3.  توفر قوات من المسلمين المجاهدين في سبيل الله.

ويمكن من خلال الجدول بيان كيف تم تطبيق المبدأ من كل من القائدين .


لمبدأ يوسف بن تاشفين الفونسو السادس

مقدرة القائد
 
المبدأ يوسف بن تاشفين الفونسو السادس

المبدأ يوسف بن تاشفين الفونسو السادس




يتضح من خلال العرض السابق بأن كلا القائدين كانا يتمتعان بقيادة فذه وحنكه ودهاء كبيرين وخبره عسكرية كبيره ولكن النصر كان في النهايه حليفا لمن جاء بايمان صادق وعقيدة راسخة ونيه للجهاد في سبيل الله برغبة رفعة راية الاسلام ورفع شأن المسلمين ومنع الظلم والقهر والجور الذي حل بهم ،وليس لمن جاءمزهوا بجيشه وقوته وكثرة عتاده معتمدا في البدايه على الحماس الوطني ثم الوازع الديني .وهنا مقارنه بين خطتي القتال لدى الطرفين .


خطة المسلمين (يوسف بن تاشفين) خطة النصارى (الفونسو السادس)



ليست هناك تعليقات: