السبت، 21 أغسطس 2010

البعد الداخلي وأثره في رسم السياسة الخارجية




الكل سمع عن الاستبيان الذي طرح في الولايات المتحدة حول ديانة الرئيس الأمريكي اوباما ، وهو الاستبيان الذي ظهر فيه ان 20% من الأمريكيين يعتقدون انه مسلم يخبئ إسلامه ، خرج بعدها المتحدث باسم البيت الأبيض ليعلن ان الرئيس مسيحي متدين ، ويذهب للكنيسة باستمرار لممارسة طقوسه الدينية ...

جاء ذلك على خلفية دعم الرئيس لمشروع إقامة مسجد في ضاحية مانهاتن قريبا من موقع البرجين الذين دمرا في أحداث 11 سبتمبر 2001م ، وكان الأساس الذي سيبني عليه المسجد مجالا واسعا للنقاش الحاد بين الأمريكيين ، حيث ان اغلب الذين يرون ضرورة بناءه يصرون على ان يتبع المذهب الصوفي فقط ، وانه يجب ان لا يسمح بنشر المذهب الوهابي المطبق في السعودية في هذا المسجد .

ان الوضع الداخلي للولايات المتحدة هو المحرك الرئيس لمثل تلك القضايا والمماحكات التي تحدث داخل البيت الأمريكي ، وفي هذا الموضوع الجمهوريين هم من يطرح تلك الأفكار ، مع ان الكثيرين من الأمريكيين يرون ان طرح مثل تلك القضايا تهدد الأمن القومي الأمريكي ، لأنها تسبب مشاكل داخلية كبيره ، وقد قام احد الجمهوريين المعروف بأنه الوجه الأبرز لمعارضة الديمقراطيين السيد (نيوت جينجريتش) قام بوضع علامة النازيين المعروفة على موقعه في شبكة الانترنت اعتراضا منه على بناء مسجد نيويورك ، وهو نفسه الذي دأب على وصف المسلمين بشكل عام على انهم إرهابيين ، كما ان الجمهوري الأخر(هاري ريد) يروج دوما لأهمية السيطرة على العالم الإسلامي ، وهو يعي تماما بان الحرب على الإرهاب مثلا لم تكن لتتم لو لم تتعاون بعض الدول العربية والإسلامية لتلك الجهود ، اقتناعا منها بأنه يجب حرب التطرف والمتطرفين ....ولو تم السماع لأمثالهم من المتطرفين الأمريكيين لأصبح العالم مرتعا للحروب والقتل والتدمير .

ما يميز الولايات المتحدة في سياساتها الخارجية هو وضوحها في تعاملاتها مع الدول الأخرى ، كما ان المؤسسات التي يصنع فيها القرارات الهامة التي تؤثر على الأمن القومي لحسن الحظ لا تتأثر بكتابات او طروحات بعض الأشخاص او حتى بعض الأعضاء في المجالس التشريعية ، فعلى سبيل المثال تتعرض المملكة والباكستان للكثير من الطروحات الشاذة ، ومع ذلك فانه على المستوى الرسمي العلاقات وطيدة وراسخة الجذور مع الولايات المتحدة ، فالمملكة تعد من اهم الدول الي تحرص كل الحكومات الأمريكية باختلافها على تمتينها وتنميتها ، كما ان الباكستان استمرت في علاقاتها المميزة مع أمريكا ولمدة تزيد عن 50 سنه .

لا شك ان الإعلام له دور كبير في إيضاح بعض الأفكار وإدخال بعض المفاهيم في أذهان الرأي العام ، لكن ما تعتمد عليه السياسة الأمريكية هو نتاج مراكز الدراسات الإستراتيجية والمنظرين السياسيين والاستراتيجيين أصحاب الطرح العاقل والمتزن الذي يضع المصلحة العليا للدوله فوق كل رغبات الأحزاب والصراع السياسي الداخلي .

حرب فيتنام ، قضية ووترقيت ، الإنزال بالصومال ، مشاكل كلينتون النسائية مجرد نماذج للصراع الداخلي الذي ينعكس على الوضع العام للدولة ، وما يحدث للرئيس اوباما حاليا لا يخرج عن هذا الصراع ....



محمد بن يحي الجديعي.......محايل عسير 11 رمضان 1431هـ (21 أغسطس 2001م)

ليست هناك تعليقات: