الخميس، 4 يونيو 2009

الرحلة الى تكساس .

(14-19) يناير 2004م

عندما بدأ الطلب منا الإدلاء برغبتنا للدراسة الميدانية في ولاية تكساس في نهاية شهر سبتمبر 2003م ، كنت قد قررت عدم الذهاب إلى هناك لأني سبق لي أن زرت ولاية تكساس عام 1995م ، بل وقضيت بها ما يزيد عن ثمانية أشهر . ولكن لما شاهدت برنامج الدراسة وما يحتويه من مواقع هامة قررت الالتحاق بها وبعد رحلة دامت 4 ساعات من واشنطن دي سي إلى مدينة هيوستن الشهيرة لفت انتباهي قبل لحظات الهبوط أنني في مدينة مصافي البترول مما جعلني أسرح بعيدا إلى بلدنا الغالي والمنشآت النفطية في رأس تنوره والجبيل . وبعد أن وصلنا إلى الهيلتون تأكد لي أن المدينة صناعية حيث الحياة الليلية المعتادة في المدن الكبيرة غير موجودة على الأقل في المنطقة التي نحن بها .( بالمناسبة يوجد 4 مطارات حول هذه المدينة ) وحيث أنني كنت متعبا جدا من آثار وعكة صحية لا تزال بقاياها . ومن طول السفر بالطائرة فقد قررت أن لا أغادر غرفتي حتى للعشاء. ولم أكن أعرف أنني في الصباح سأواجه يوما مليئا بالعلم والإثارة والاندهاش والإثارة .
1. زيارة ناسا . ( وكالة الفضاء الأمريكية )
هذه الوكالة المدهشة تضع حسابا كبيرا لأي عمل مهما كان درجة أهميته , وقد يستغرب البعض مثل هذا الكلام والأمريكيون لا يزالون يذكرون المأساة الكبيرة لمركبة كولومبيا التي تفجرت أثناء دخولها للغلاف المحيط بالأرض . والذي سبب صدمة للأمريكيين ولكل البشر . المهم أننا كضيوف على المدير العام للوكالة كان استقبالنا في الفندق الذي نزلنا فيه ، حيث اصطحبنا عدد (4) نساء من الشئون العامة للوكالة وبدئوا بنا رحلة الإثارة في الوكالة التي تحتل مكانا كبيرا في منطقة قريبة من هيوستن وهو مجمع ( مركز جونسون ) الذب يعمل به (3000) عامل ، علماء ومهندسين وإداريين ومختصين في كل الحقول ، كما أن الوكالة تتعامل مع (120) شركة مختلفة للتعاقد معها في حقول معينة . وكثير من هذه الشركات لها مواقع داخل المجمع الكبير وبالأخص الشركات الكبيرة مثل بوينج ولوكهيد مارتن وريثيون .
اطلعنا على مراكز التحكم والسيطرة قديمها والجديد منها وهذه المراكز تعمل (24/7/365) بأطقم كاملة في كافة التخصصات . بالمناسبة الشركة لها مواقع في ( موسكو , فلوردا, مركز كنيدي ) وفي ميدان الرمال البيضاء ( وايت ساند ) في ولاية نيو مكسيكو . وكذلك مواقع الإطلاق والهبوط في غرب وشرق الولايات المتحدة وبعض الجزر في المحيط الهادي والأطلسي والأطلنطي ، مراكز التحكم لها عدة مهام في الوقت الحالي بعد أن أوقف برنامج الرحلات إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي إعادة البرنامج لإعادة اكتشاف أو الهبوط على القمر وكذلك زحل , ومن المهام ( التدريب ) مراقبة المركبات الفضائية العابرة في الفضاء حاليا . ومراقبة المحطة الدولية الموجودة في الفضاء.
انتقلنا بعدها إلى مركز مسبارات الفضاء ، وقد تم تمكيننا كضيوف مميزين في اليوم للوكالة من الدخول فعليا إلى داخل المكوك الفضائي والجلوس على مقاعد قائد المكوك ومساعدة وكذلك مشاهدة منطقة الخروج من المركبة للسباحة في الفضاء الخارجي . كما شاهدنا أماكن النوم ومستودعات تخزين الغذاء وكذلك دورة المياه والتي تعتبر فريدة من حيث عملها وشكلها . وكما تم مشاهدة مركبة فضاء (كبسولة) روسية متواجدة بالموقع وعلى الرغم من النشاط الكبير لغور أسبار الفضاء من الاتحاد السوفييتي السابق إلا أن هناك فرق كبير في الإمكانيات وفي طريق الأداء والمساحات للرواد ولكنها جميعها تؤدي الغرض المطلوب منها .
انتقلنا بعدها إلى نموذج مطابق تماما للمحطة الدولية التي تشارك بها (14) دوله إلى الآن ، ويمكن تجهيزها بمعامل صغيره تحوي كل ما تحتاجه من أدوات أجهزه واتصال وتحليل وحتى الانترنت متوفرة بها كوسيلة اتصال ، وكذلك أماكن نوم وراحة الساكنين بالمحطة الدولية وجميع الأقسام مرتبطة ببعضها ببوابات صغيره للتنقل بين الأماكن التابعة للدول ، تبقى أن اذكر نقطه تتعلق بإمداد هذه المحطة بالكهرباء حيث تم تهيئه ألواح للطاقة الشمسية لو جمعت لغطت ملعب كره قدم .
ثم انتقلنا إلى مبنى التدريب على السباحة في الفضاء سواء داخل المركبة أو خارجها ، ويتم ذلك من خلال عمل بحيرة داخل مبنى كبير مليئة بأجهزة ومعدات ولوازم كاملة تماما كما يوجد في الفضاء الخارجي ومن حسن الحظ أنه كان يوجد شخص سويدي يتدرب ، وفي غرفة السيطرة يوجد علماء ناسا لمتابعة التدريب ودراسة كل التفاصيل وتحديد المطلوب من الشخص القيام به .
بالمناسبة ناسا قررت بعد حادثة تشالنجر المشئومة في (1986م) أن يكون برنامج تدريب رواد الفضاء على أقل تقدير 7 سنوات وقد يمتد إلى 10 سنوات بحيث يكون رائد الفضاء عالما وقائدا ، وأصبحوا جميعها يحملون درجات الدكتوراه في حقول معينة ، لكن الهدف الرئيسي من الرحلة يحدد من يكون بالمركبة ؟ أثناء انطلاقها بالفضاء.

ثم كانت الرحلة بالحافلة إلى مدينة تبعد حوالي (110 دقائق ) وتسمى محطة الكلية ( كولج ستيشن ) وتمت زيارة متحف ومكتبة الرئيس بوش الأب وكانت زيارة مثيرة . وبالأخص أنه وبالصدفة او قد تكون مخططه وحسب جدول المكتبة حضرنا محاضرة لدكتور ألماني عمل لفترة طويلة في الحقل الدبلوماسي وأخيرا ممثلا لبلده في الأمم المتحدة وكان موضوعة عن أسباب عدم دعم فرنسا وألمانيا للولايات المتحدة في حربها ضد العراق . حيث كان له مفهوم خاطئ لموضوع الإرهاب وعلاقته بالدول العربية الإسلامية ، وكانت المداخلات معه من قبل الطلاب المسلمين (الضيوف) محل ترحيب الأمريكيين الموجودين .
في اليوم التالي تمت زيارة جامعة تكساس (ايه أند ام) او ( الهندسة والزراعة ) و ( مدرسة الرئيس بوش ) للعلوم السياسية والعلاقات الدوليه ، الجامعة تعتبر من الجامعات العريقة في الولايات المتحدة مثلها مثل جامعة تكساس وستانفور والينوي وهارفار . وقد بنيت وبدأت الدراسة بها عام (1876م) وتحتل أكبر مساحة لأي جامعة في أمريكا (5200) هكتار. يدرس بها سنويا ما بين (45000_50000 ) طالب يتواجد بها (3853) طالب من(120) دولة ، ولها فروع في عدة دول فتح أخرها في دولة قطر عام 2003 م ، بها عشر كليات تدرس أكثر من (160) حقل متخصص تصرف سنويا ما يزيد عن (400) مليون دولار للأبحاث والدراسات ولها حاليا أكثر من (600) بحث أو دراسة في أكثر من (80) دولة تعتبر مدرسة (جورج بوش الأب ) فرع من الجامعة وهي مدرسة متخصصة لمنح درجتي الماجستير والدكتوراه في عدة حقول منها الإستراتيجيات وقضايا الأمن القومي , العلاقات الدولية الإرهاب وخلافة الغريب أن 25% من الدارسين هم في الأساس من الحاصلين على درجة الماجستير و 50% من حملة شهادة الدكتوراه ولكن الأسلوب والبيئة تدفع الكثيرين لطلب الالتحاق بها .
2. زيارة قوات الاحتياط الوطنية :
في مدينة فورت وورث القريبة من دالاس . تمت زيارة قاعدة تدريب الاحتياط الوطنية وحيث أن سبق أن قدم لنا تعريف عن هذه القوات إلا انه بمشاهدة كيف تعمل تلك القوات التي يتم تجمعها من مختلف القوات المسلحة ولها مهمتين في السلم والحرب إلا أن الملفت للانتباه وهو كيفية تسلسل أوامر السيطرة لها . فهي ترتبط من جهة بحاكم الولاية المتواجدة فيها القوات ( منتشرة قواعدها في أكثر من ولاية ) لتقديم بعض المهام ودعم الجهات الحكومية الأخرى في الولاية . كما أنها ترتبط بقيادة تلك القوات في البنتاجون لكثير من المهام على المستوى القومي ومنها دعم القوات الرئيسية في ميادين المعارك ، وكذلك دعم القواعد الأخرى في الولايات الأخرى ضد الكوارث وما شابة . كل قوة من القوات تدعم القوة الاحتياطية بالمال والمعدات وقد تطلب منها القيام ببعض المهام , وتختص مهمة قائد القاعدة في تنسيق جهود ومتابعة التدريب لمسئولي القاعدة .
3. مشاهدة مهرجان الروديو :
سبق لي أن شاهدت برنامج الروديو عام 1995م في ولاية نيو مكسيكو ، وكذلك تابعت أكثر من مرة هذه المسابقات في التلفزيون ولكن كانت هذه المرة تختلف تماما عن سابقاتها . حيث أن المسابقة هنا تعتبر مهرجانا ومناسبة لإمتاع العائلة أطفالا وكبارا . وكذلك فرصة لبيع أو شراء كثير من المنتجات الزراعية بالأخص الحيوانية من أبقار وخيول وأغنام ومنتجاتها والصناعات الداخلة في إنتاجها أو تربيتها أو أي استخدامات أخرى لها . تم وضع مدن وملاهي ترفيهية كبيرة جدا في منطقة العرض أولاها لأطفال وأكبر فيها للكبار وحتى يمكن فقط مشاهدتها دون المشاركة فيها يحتاج الشخص إلى أن يتردد على هذا المكان من يومين إلى ثلاثة أيام بمعدل (2_3) ساعات فقط حتى يتمكن من مشاهدة كافة المعروضات .
أما بالنسبة عرض المسابقات فقد بني مبنى كبير تماما مثل الملاعب الرياضية ( كرة القدم , وكرة السلة) وهو مغطى ووضعت حواجز كحماية الجماهير . ويتسع إلى (1200) شخص . وقد بدء العرض بدخول حوالي ( 20) فارسة على خيولهم بسرعة وعرض مدهشين ، دخلن وهن يحملن أعلام أمريكا وتكساس وقد كانت فقراتهم في بداية ونهاية الحفل غاية في الإمتاع والفروسية الحقة . لقد كان تجاوب الحصان للفارسة وتنفيذ المطلوب منه مثار إعجاب الجميع . ثم بدأت الفرق المشاركة بالدخول فقط لتعريف الجماهير بهم وكل فريق له ألوانا خاصة وطريقة رائعة للدخول لأرض الميدان ثم بدأت فقرات المسابقة التي يحكمها ما بين (5_10) محكمين حسب طبيعة اللعب . استمرت المسابقة لحوالي 3 ساعات كانت جميعها مشوقة بأفكار أساسها بسيط للغاية ( كحلب البقرة أو فرز القطعان عن بعضها أو تعليم وكوي البقرة وهكذا ) ولكنها ( المسابقة ) تتم بطريقة رعاة البقر ( كاو بوي ) التي تتسم بالرجولة والشجاعة وقوة التحمل واللباقة البدنية العالية وقوة الشكيمة والبأس ) ويتضح أن هذه الرياضة الجميلة محبوبة جدا خاصة هنا في تكساس لأن قيمة التذكرة عالية نسبيا ولكن كان الملعب مليئا على الآخر . لقد كانت قيمة التذكرة ( 18دولار ) للشخص الواحد ما يزيد طبعا على 68 ريلا سعودي .
أخيرا ستظل زيارة تكساس عالقة بالذهن خاصة أنها كانت في شهر يناير حيث كان الجو فيها ممتعا للغاية بعد أن وصلت درجات البرودة في واشنطن إلى مستويات منخفضة جدا .

ليست هناك تعليقات: