السبت، 16 يوليو 2011

ماذا يحدث في سوريا ؟


هذا المقال كتبته قبل 6 سنوات ....وما يحدث في سوريا اليوم لا يبعد كثيرا عما كنت توقعته في تلك الفتره ....مع الاسف انه خلال الفتره زاد التدخل الايراني في سوريا ...مما صب الزيت على النار التي كانت تشتعل ببطئ ...واليوم يحاول الايرانيين دعم الاقتصاد السوري ب 5.8 مليار دولار ، وهو الذي بدأ يتهاوى ومن وراءه النظام ....محنة سوريا مؤلمه ، ونامل ان تزول الفتنه ويعود الامن والاستقرار في هذا البلد العزيز ...

 
منذ فتره ليست بالقصيرة كنت كغيري أراقب ما يدور على الساحة السورية ،وتشابكات المصالح الوطنية مع الدول المجاورة لها ، وقد كتبت عن هذا الموضوع في إحدى المرات ،وكان لي وجهة نظر لا تزال قائمه ،ويتم تأكيدها كلما مر وقت ، وتلك النظرة ليست نابعة من عاطفة او رغبه خاصة او مبنية على معلومات إعلاميه ، هي في الواقع مبنية على كثير من المعلومات المتوفرة لدي من عدة مصادر وتتلخص فيما يلي :


1. حزب البعث والاستخبارات السورية يقومان بأعمال مضره بالأمن الوطني السوري ويجرون البلد إلى مصير مجهول ، وما الأعمال التي تتم بعيدا عن أعين ورغبة القيادة السورية في أكثر من موقف الا دليلا قاطعا على قصر نظر المسئولين عن تلك الجهات ، العالم تغير والمعلومات تغيرت وتطورت مصادرها وهم لا يزالون يعملون بطرق أكل الدهر عليها وشرب ، وما كان يتم في فتره زمنيه تعد (ذهبيه) بالنسبة لهما لا يمكن ان يستمر الان .وما التهديدات التي تطلق ضد سوريا وإمكانية قصف بعض المواقع داخل سوريا الا دليل آخر على ما يجرون بلدهم اليه دون وعي او نظره استراتيجيه ، فقد سمحوا لأنفسهم بإنشاء مواقع تدريب ،وانشاء فرق اغتيالات ،وتنفيذ اعمالا تتنافى مع بعض الأعراف الدوليه والمحليه .

لقد استطاع حزب البعث استخدام الاستخبارات لتنفيذ سياساته التي قد لا توافق عليها القيادة السياسية للبلد ، وقد قام الرئيس الاسد بإعفاء مدير الاستخبارات من منصبه مباشره بعد اغتيال الرئيس الحريري . مما اعطى الفرصه لكثير من المحللين ربط ذلك الاعفاء بعملية الاغتيال . ثم ان الحزب لا يستثني احد من خططه وتصفياته حتى ولو كان الهدف احد أعضاءه ، والإشاعات التي تدور حول تصفية وزير الداخليه تصب في ذلك الاتجاه ، واذا ما استمر الوضع كذلك فان مصير سوريا سيلحق بالعراق .


2. القيادة السياسية السوريه لديها من الامكانات ما يؤهلها الى اتخاذ قرارات صعبه ومؤلمه احيانا ، ولكن عليها العمل بحزم وإخراج بعض الرموز البعثيه التي تضر بمصلحة البلد وأمنه من دائرة صنع القرار، كما ان التشاور مع القيادات العربية المخلصة والحكيمة يعد امرا مهما ، ولعل تجربته السابقه في التشاور مع القيادات المصرية والسعودية والاردنيه حول الخروج من لبنان ادى ثماره وجنب بلده مزيدا من الضغوط الدوليه ، ولكن الاستمرار في اتخاذ قرارات هامه هو المطلوب ، ومنها التعاون مع المحقق الدولي ، والبعد قليلا عن الاحداث في العراق من خلال ضبط الحدود ،واغلاق مراكز التدريب (ان وجدت) ، لأن البعثيين وعلى الرغم العداوه الكبيره بينهم وبين البعثيين في العراق يحبذون التعاون بينهم تحت شعارات متعدده ، لذا يجب الانتباه .

كذلك يجب منع بعض الرموز العراقيه السابقه المتواجده على الأراضي السوريه من ممارسة بعض الانشطه السياسيه ، او حتى تقديم الدعم لبعض الأطراف داخل العراق ، حتى ولو كانت قوى مقاومه وطنيه للاحتلال في العراق ، لأن المحتل لا يفرق بين مقاومه لها الحق في المقاومه وقتال المحتل وذلك بناءً على الأعراف الدوليه المعروفه ، ولا بين الجهات التي ترتكب اعمالا لا يقرها أحد ، المتمثله في قتل أبرياء وتدمير منشآت وزعزعه الأمن .


3. لعل الكثيرين سمعوا الرئيس بوش في خطابه الاخير بمناسبة احداث سبتمبر ، حيث قال ما معناه (ان السياسه الامريكيه تعتبر قوى المعارضه الخارجيه لأي نظام هي العمود الفقري لانشاء نظام ديموقراطي في بلده ، لأن أولئك المعارضين عانوا من الاستبداد والظلم والقهر فاذا ما دعموا وقدمت لهم مسانده فإنهم سيكونون أصدقاء ديموقراطييين ) ان الربط بين هذا الكلام والذي يعد "استراتيجيه" يلزم تطبيقها من قبل المنفذين ، برغبة المعارضه السوريه بالخارج وبالأخص البعثي السابق والعارف ببواطن الامور في دمشق (الدكتور رفعت الاسد ) شقيق الرئيس الراحل (حافظ الاسد) والذي كان قائدا بارزا برتبة لواء ،و يتواجد بالمنفى خارج البلد وينتظر الفرصه المناسبه للانقضاض على الحكم في سوريا ، كل ذلك يفتح المجالات الى احتمالات قابله للتنفيذ ، لأنه يوجد بالداخل الكثيرين غير الراغبين في الحكم البعثي السوري .


4. الحسابات الخاطئه : قد يعتقد الكثيرين من صناع القرار في سوريا ان ما حدث لوزير الداخليه قد يدفن معه اسرار خطيره عن مقتل الرئيس (الحريري) ،وبهذا يتم اسدال الستار عن مطالب قد تكون مؤلمه من المجتمع الدولي وعلى السوريين تنفيذها ، والصحيح ان الوزير الراحل ليس شخصا عاديا قد يكون تصرف بصفته الشخصيه ، فقد كان المسئول الأول عن الاستخبارات السوريه في لبنان لمدة عشرين سنه ، واجمع كثير من المطلعين على ثنايا التحقيق في عمليه اغتيال الرئيس الحريري بان ما تم يعد عملا منظما مؤسسياً مما يعني ان الحكومه السوريه هي المسئوله ، ولا يمكنها التنصل من تلك المسؤوليه بحجه مقتل الوزير .

كما انه صدر اول التصريحات من الخارجيه الامريكيه والذي يؤكد ان وفاة الوزير شيئ مؤسف ، ولكن المسؤوليه في تلك القضيه يجب ان تحدد ويعاقب المسئول عنها ، لذا فان الخوف على سوريا من التخبط في اتخاذ القرارات الصحيحه ، وبالتالي السير في نفس المسار الذي ارتكبه قبلهم البعثيين في العراق مما يعني زوال ذلك النظام ، وذلك بدعم المعارضه والجهات الأخرى .

امريكا قواتها قريبه وقادرة ولها مصالحها ومساعيها في تنفيذ مشروعها حول الشرق الاوسط ، ومشروع السلام ،ونشر الديموقراطيه، وحقوق الانسان ،ودعم الارهاب (محور الشر) ومواضيع اخرى.


الموقف السوري صعب ومعقد ، والضغوط تزداد ومعها تتخذ قرارات يمكن ان تندرج تحت مسمى (الغباء السياسي والاستراتيجي) ، والرئيس (بشار) ظهر في ( السي ان ان ) مرتبكا غير واثقا مما يقول ، وكأنه يخشى شيئاً ، كما ان تصريح وزير الخارجيه (الشرع) لم يكن حازما وظهر عليه الترقب من المجهول ، ولا ارى حلا في هذه المرحله الا باقاله رؤوس حزب البعث الذين اوصلوا الدوله الى موقف صعب ، وقيادات الاجهزه الاستخباريه اليد القويه للحزب ولكنها غير حكيمه ، ومد يد التصالح مع المعارضه داخليا (مثل الاكراد الذي يرفض اكثر من (200.000) كردي الجنسيه السوريه بسبب سوء علاقتهم مع النظام ، وكذلك بعض الجماعات الاسلاميه ) وخارجيا مثل (التجمع القومي الديموقراطي الموحد ) ، ثم طلب النصيحة من الحكام العرب ذوي الرؤيه السديده وكذلك من الجامعه العربيه ، كما يلزم أخذ أي تصريح للقوى العظمى مأخذ الجد ، وعدم الاعتماد على بعض القوى التي قد تنسحب عن السوريين في أي وقت ، وقد بدأت الضغوط من اقرب حلفاء سوريا حيث أعلنت روسيا اليوم اعادة النظر في تزويد سوريا بالصواريخ البالستيه (القصيره ) الكساندر ،والتي سبق الاتفاق على تزويد سوريا بها في وقت سابق هذا العام .

ارجوا ان يكون كل ما ذكرته مجرد تشاؤم فمنطقتنا يكفيها ما فيها من بلاوي .


10 رمضان /1426هـ

ليست هناك تعليقات: