الخميس، 6 أكتوبر 2011

مصلحة روسيا فوق كل الاعتبارات العاطفية




اتصل بي صديق عزيز ليلة تصويت مجلس الأمن حول الوضع في سوريا ، وطلب مني الدعاء بان يتم التصويت لصالح فرض العقوبات على النظام السوري لعل الوضع في سوريا يتغير ...وعلى الرغم من ان تغيير الوضع هناك هو مطلب سياسي واستراتيجي سيصب لصالحنا من خلال تغير كبير سيحدث في التحالفات وموازين القوى في المنطقة التي تعيث فيها ايران فساداً ، الا إنني ذكرت له باني أكاد اجزم بعدم صدور القرار وان روسيا على الأقل ستستخدم حق النقض ضده ....والسبب ببساطه انه لا يوجد أي سبب ان تضحي روسيا بسوريا كمجال حيوي بالنسبة لها كما ضحت بليبيا بالسير خلف المجتمع الدولي ثم فقدت ذلك المجال الحيوي الهام ...وحدث ما توقعته تماما ...

في العلاقات الدولية لا مجال للعواطف ، ومجلس الأمن هو طاولة يتم عليها تقاسم المجالات الحيوية والمصالح بين الدول العظمى ، وكما هو معروف فان التغيير في ليبيا افقد الروس الكثير ، وكسب الفرنسيين والأمريكيين والايطاليين ما خسره الروس ، فقد كانت ليبيا مثلا سوقا رائجة للسلاح الروسي وما المعدات والأسلحة التي وجدت في مخازن نظام القذافي الا دليلا واحدا على أهمية ليبيا لروسيا ...

روسيا كانت بحاجه الى بدائل تعوضها خسائرها في ليبيا وفي سوريا في حال سقط النظام ، وهي لا يهمها الشعب السوري وما يحدث هناك من انتهاكات لحقوق الانسان ، لذا فالروس لا يصدقون او لا يرغبون تصديق الإعلام ، ولا يلتفتون الى تقارير المنظمات الدولية حول الوضع في سوريا ، كما ان عودة بعض الدفئ لعلاقات روسيا مع ايران ليس الا دليلا آخر على حرصها بان لا تزيد خسائرها ...

نفس الكلام ينطبق على الصين التي خسرت شركاتها النفطية بسقوط نظام القذافي الشيء الكثير ..ولا غرابه ان تنضم الى روسيا في رفض قرار مجلس الأمن وإسقاطه ...والوضع الآن أصبح اكثر تعقيدا على الأرض السورية خصوصا ان المعارضة منقسمة على نفسها ..والدعم الإيراني السياسي والعسكري والاقتصادي في ازدياد ...

مصالح الدول لا تعترف بالعواطف ...وعالمنا اليوم غابه يسرح ويمرح فيها القوي ...

محمد بن يحي الجديعي
الرياض 08 ذو القعدة 1432هـ

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

بالطبع أخي محمد .. فسوريا تعتبر خطاً أحمراً بالنسبة لروسيا بعد أن سمحت بغارات حلف شمال الاطلسي على ليبيا وذلك بامتناعها عن استخدام الفيتو في تصويت لمجلس الامن في مارس الماضي .. روسيا وكما تعلم تقلص نفوذها منذ الحرب الباردة وهذا الفيتو يشكل في أحد جوانبه الحفاظ على موضع قدم في المنطقة .. كما أن الفيتو في جانبه الآخر رسالة بأن روسيا لاتقبل الإملاءات الأمريكية والأوربية خصوصاً عندما تكون مصالحها على المحك .. كذلك الفيتو الصيني أتى كنتيجة لتضارب المواقف السياسية بينها وبين الدول الغربية هذا إذا أخذنا في الاعتبار كذلك موقف الدولتين من الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية وانتقاد الحكومات الغربية مرات عديدة سجلهما في مجال حقوق الإنسان (التبت .. الشيشان .. الخ) .. ولاتنسى أن روسيا والصين تعارضان دائماً أي إجراءات للتدخل من قبل مجلس الأمن أو الدول الفاعلة سواء في إيران أو السودان أو كوريا الشمالية أو مينامار .. الأمر الآخر .. يجب أن نعترف - وكما صرح أحد المعنيين بحقوق الانسان - إن امتناع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا عن التصويت سهل إلى درجة كبيرة وشكل غطاء لروسيا والصين في صدور هذا الفيتو المزدوج دون تداعيات كبيرة .
ومثل ماذكرت أخي أبا محسن .. فإن مصالح الدول هي فوق كل اعتبار بعيداً عن أية أمور أخرى .. وهذه المصالح أما أن تكون (مصلحة بقاء) عندما يصبح الوجود الأساسي للدولة في خطر داهم أو (مصلحة حيوية) وهي المصلحة التي من المحتمل أن ينتج عنها خطر حقيقي للدولة ما لم تتخذ إجراءات فورية أو (مصلحة رئيسية) وهي تلك المصلحة أو العلاقة التي قد تؤثر على الرفاهية السياسية والاقتصادية للدولة سلبياً .. وأخيراً (مصلحة هامشية) وهي المصلحة التي لا ترى فيها الدولة أي تأثير على مواطنيها .. ولكل نوع من هذه المصالح أدواته .. والسؤال هنا .. ماهو مستوى المصلحة الذي تمثله سوريا لروسيا أو للصين .. أو بمعنى آخر الأداة المستخدمة (الفيتو) تم استخدامه لتحقيق أي نوع من هذه المصالح ؟ .. فإذا عرف السبب بطل العجب .. وأترك لكم الإجابة ..
مع كل الود والتقدير

أبو طارق

غير معرف يقول...

سيدي العزيز ابا محسن اسمح لي ان ادلي بدولي في هذا الموضوع المهم وانا اتفق معك فيماذهبت اليه في ان روسيا سوف تستخدم حق النقض الفيتو وفعلت ذلك ولكن..........
ان تخلي روسيا عن حلفائها عندما ترى مصلحتها في ذلك ليس بالشي المستغرب ، فتاريخها الطويل حافل بمثل هذا واقرب مثال على ذلك ، تخليها عن صربيا الحليف الاستراتيجي لها ، عندما رأت ان دعمها لها يؤثر على امنها القومي ، فهي ترفض في البدايات وتعارض وتسجل موقفا مخالفاً للدول الغربيه ، ولكن اذا احتدمت الامور تراجعت ولانت وينطبق عليها المثل العربي ( اسمع جععة ولا ارى طحناً ) .....
اعتقد ان استخدام روسيا هذا الحق في هذه المره ليس من مبدأ المعارضه فقط كالسابق ولكن الاوضاع المتفاقمه في المنطقه من ليبيا الى اليمن مرورأً بتونس ومصر جعلها تعيد حساباتها بناء على مايلي:ــــ
1. النتائج المتواضعه التي حققها لحد الان تدخل حلف الناتو في ليبيا من حيث الهدف المعلن للحمله قبل بدئها (حماية ليبيا والمواطنين الليبيين من الدكتاتوريه ونشر الديمقراطيه ) , اعطى مؤشر جيد لدى السياسيين الروس ان حلف الناتو لم يعد قادر على موازنة الامور ، فهذه امريكا العضو الاقوى في الحلف تتخبط في سياستها ، فتارة تقرر الانسحاب من ليبيا وتارة تتراجع وتدعم حلفائها ، وكل هذا نتيجة الضعف الواضح على قوة الولايات المتحده الامريكيه ، فامريكا بعد العراق وافغانستان لم تعد كالسابق فاقتصادها ينهار تدريجيا والضغط الشعبي يزداد يوما بعد يوم نتيجة للاوضاع الاقتصاديه المترديه.
2. دور الوساطه في الازمه اليمنيه وما يمكن ان تسفر عنه الحورارات بين الاطراف المتنازعه من تنحي رموز الانظمه عن السلطه بدون اللجوء الى التدخل الخارجي ، كما حصل اليوم في اليمن من اعلان الرئيس على صالح عن امكانية تنحيه شخصيا عن الرئاسه ، وامكانية تطبيق هذا النموذج على سوريا.
3. القناعة التامه لدى الروس والصينيين بان سياسة القطب الاوحد لم تعد سارية بنفس القوه كما هي في السابق , ورغبتهم في لعب دور اقوى من ذي قبل , استغلالاً للضعف الحاصل في حلف الناتو لتحقيق افضل المكاسب باقل الخسائر.
4. الخوف من تكرار المشهد الليبي في سوريا وفقدان حليف اخر ومصدراً حيوياً مهماً.
كل هذه المؤشرات من وجهة نظري المتواضعه , دفعت الروس والصينيين الى ان يتخذوا موقفا مغايراً على الاقل في المدى القصير ويستخدموا حق النقض الفيتو........ وحمانا الله من شر المزيد من هذه الفيتوات وماستسفر عنه من مصادمات............... دمت بخير
اخوك / ابو سلطان

غير معرف يقول...

اشكرك اخوي ابو طارق على هذا التحليل الراقي ومن وجهة نطري المتواضعه ان سوريا تمثل مصلحه حيويه لروسيا حاصة اذا عرفنا ان روسيا منذ الحرب العالميه الثانيه وهي تحاول ايجاد موطئ قدم لها تمكنها من الوصول الى منطقة الشرق الاوسط ومياهها الدافئه وخيراتها الوفيره ..... واترك الرأي لمعلمي ابو محسن لابداء رأيه