الكل قرأ وسمع ما تداولته وكالات الانباء العالمية يوم 27 ديسمبر 2009 عن الصفقه التي وقعتها دولة الامارات العربية المتحدة مع كونسورتيوم كوري جنوبي تتزعمه الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) ، الصفقه قيمتها 20 مليار دولار (75 مليار درهم اماراتي) وذلك لبناء اربع مفاعلات نووية ضمن البرنامج السلمي للطاقة النووية لدولة الإمارات.
فاز هذا التحالف بهذا العقد الكبير على الرغم من الدعم السياسي والتنافس الشرس مع كونسورسيوم فرنسي يضم شركة كهرباء فرنسا و"غاز دو فرانس سويز" ومجموعة أريفا النووية والمجموعة النفطية توتال، وكذلك مع التحالف الياباني الأميركي الذي ضم هيتاشي وجنرال الكتريك ....هذا النجاح الكوري شكل صدمه عنيفه للفرنسيين تحديداً الذين يرون ذلك فشلا ذريعا وانتكاسه غير متوقعة ، وتأتي في سياق تكرر الخسائر في منافساتهم لكسب عقود اقتصادية وعسكرية في عدة أماكن من العالم ....
الحقيقة ان ما تم يعد ضربا من الخيال بالنظر الى تطور كوريا الجنوبية السريع والمذهل ، حيث أنه في العام 1905م قامت اليابان التي كانت قوه عظمى حينها ، بإحتلال شبة الجزيرة الكورية واستمر الوضع كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية وتحديدا في 15 أغسطس 1945م , وهو اليوم الوطني للكوريتين حالياً ، قامت بعدها الانقسامات الداخلية التي لم تنتهي إلا بقيام الحرب الأهلية عام1948م ، وبقرار من الأمم المتحدة في العام1950م تزعمت الولايات المتحدة بعض الدول لتشن حربها الطويلة على كوريا الشماليه الى جانب كوريا الجنوبية ، استمرت الحرب (37) شهرا وقد بلغت القوات الامريكيه (5.764.100) فرداً وقتل فيها (33.651) وجرح (103.284) من القوات الامريكيه ، وعند انتهاء الحرب في العام 1953م قسمت كوريا إلى جنوبية وشمالية ، انتهجت كل منهما نهجا مختلفا عن الاخرى في إدارة شئون الدولة، فحينما نهجت الجنوبية ديمقراطية على غرار الديمقراطية الغربية ، كانت ولا تزال كوريا الشمالية وبدعم سوفييتي سابقاً وروسي وصيني حاليا تنهج النهج الشيوعي المعروف.
كوريا الجنوبية في الستينات من القرن الماضي كانت ضمن الدول الأكثر فقرا في العالم ، وتشابه الى حد كبير بعض الدول الفقيرة في إفريقيا ، أما الآن فإنها في مصاف الدول المتقدمة في العالم تقنيا واقتصاديا بل أنها تقدم المساعدات الاغاثيه الكبيره جدا للدول الفقيرة ، والتجربة النهضويه في كوريا الجنوبيه جديرة بالاهتمام ...خصوصا اذا عرفنا ان شطرها الشمالي يعاني من خصومات متعدده مع المجتمع الدولي ومع جيرانها ، بل ان مواطنيها يعانون من تردي الوضع الاقتصادي والمجاعات الطاحنه كم حدث في أواخر القرن الماضي ، وتحديدا من عام 1994م الى 1998م ، كما انه يصلها مساعدات غير معروفة الحجم من عدة دول الى وقتنا الحالي . والغريب ان اكثر المساعدات الغذائية لكوريا الشماليه تأتيها من ألد أعدائها (كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحده ).
لقد أعطي التواجد العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية منذ نهاية الحرب الكورية في العام( 1953م ) ، لقد حقق ذلك التواجد الأمن و الاستقرار للكوريين ، وتفرغوا لبناء بلدهم ابتداءً من اصلاح التعليم مرورا ببقية اوجه التطور إلى ان وصلت الى ما هي عليه الآن ....
الخبر مثير للاهتمام من أوجه عده تخص الدول المعنيه بالصفقه بشكل مباشر تطرقت لبعضها ، كم انها تهم دول اقليميه متعدده لعل أولها ايران التي تقوم ببناء معامل نوويه لأغراض غير مدنيه ... ولعل دول الخليج الاخرى تنهج نهج الامارات في مماسة حقها في الحصول على التقنية النوويه لأغراض سلميه تفيد مواطنيها حاضرا ومستقبلا ....
كوريا واليابان والمانيا ...حققوا معجزات وتطور تقني واقتصادي كبيرين في ظل التواجد الامريكي على اراضيها ...لقد خرجوا الى العالم بعد حروب ومآسي مدمره ، ولكن من ابواب هامه ليس بينها القوه العسكرية ...ولا يزال التواجد الامريكي في تلك الدول الى الآن ....بينما لم تستفد دول أخرى كفيتنام والفلبين وجزئيا بنما (التي شقت لها امريكا القناه بعد شراء حقوق شقها من الفرنسيين ، وهي التي تعد أهم شرايين الاقتصاد البنمي ...)
الامريكيين يتواجدون حاليا على الاراضي العراقية والافغانية ...ونحن نلاحظ ما يتم فيهما من تفجيرات وقتل على الهويه ....لكن السؤال ...ماذا تتوقع ان يحدث لهما بعد 20 سنه من الآن على سبيل المثال ؟
ايران وقعت في مشكله مع المجتمع الدولي الصامت تماما عن البرنامج النووي الاماراتي السلمي ..ما رأيك في تعرية الامارات للبرنامج النووي الايراني المريب ؟؟
العلاقات الاماراتية السياسية والعسكرية مع امريكا وفرنسا مميزه جدا ..ومع ذلك فازت كوريا بالصفقه الهامه وهي لا تحضى بنفس المستوى من العلاقات ...هل تعتقد ان الهيمنه السياسية الغربيه مطلقه على دول المنطقه ؟؟
كيف يمكن الاستفادة من النهوض الكبير للامه الكوريه الجنوبيه ...؟؟
تحياتي للجميع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق