الخميس، 6 أغسطس 2009

كوريا الجنوبية


عندما يسمع بعضنا اسم هذه الدولة فقد يتبادر إلى ذهنه عده أمور مثل برنامج جارتها و قسمها الشمالي النووي, أو بعض المنتجات مثل سامسونج و هونداي أو بعض ما أشيع عن الكوريين كأكلهم للكلاب. ولكن كانت لي فرصة أن ازور هذا البلد في أواخر شهر رمضان المبارك هذا العام (1427هـ). و قد كانت مشاهداتي مختلفة تماما لما تصورته عن هذا البلد قبل وصولي إلى هناك.
وقد كانت البداية من المطار الفخم جدا في ((أنشون)) في ضواحي العاصمة سيئول هذا المطار المصنف عالميا من فئة 5 نجوم ، ويقل أن تشاهد مثله في الحجم و حسن الترتيب و التأثيث.





و ما أن خرجت من المطار إلا واذا بي اشاهد الطرق و الجسور و الأنفاق الرائعة و التي لا يوجد مثلها في أي مكان آخر حتى في الولايات المتحدة. و قد كان للطبيعة الجبلية دور كبير في زيادة أعداد الأنفاق داخل الجبال التي شقت بطرق سريعة تربط جميع أطراف هذا البلد الجميل حيث تكسو الأشجار الخضراء جبالها في منظر يخلب الألباب, و لحسن الحظ فإن الأشجار بدأت تتغير ألوانها لدخول فصل الخريف فشكلت الألوان الخضراء و الصفراء و الحمراء و البنفسجية لوحات جماليه على الجبال , و هناك برامج خاصة للكوريين للخروج من المدن إلى الجبال للسير بينها و التمتع بجمالها الخلاب.



كما يلفت الانتباه البنية التحتية القوية في هذه الدولة حيث المجمعات السكنية و المباني الشاهقة تعطي مدنها انطباعا عاما وسريعا بارتفاع مستوى المعيشة لدى السكان. و بالمناسبة فإن الحد الأدنى للأجور عالي جدا مقارنه بأغلب دول العالم ، حيث أن أدنى أجر يمكن دفعه هو (3000)دولار للعمال العاديين ، و مع من أن أعداد الفنادق كبيره إلا أن أسعارها عاليه جدا و كذالك الغذاء و التسوق.
كما أن النظام المروري وأنسيابيه الحركة المرورية في أكبر مدن كوريا الجنوبية (سيئول) يعد مدهشا خصوصا إذا عرفنا أنه يسكن سيئول وحدها حوالي (14مليون نسمه). ولعل وجود شبكة مترو رائعة ساهم في تحسين الحركة المرورية و النقل في هذه المدينة. لقد استخدمت شبكة المترو في مدن متعددة في أوربا و أمريكا و لكني لم أشاهد أي شبكة تشابه ما يوجد في سيئول فهي الأفضل والأنظف و الأكثر تعقيدا في تعدد مساراتها.




كذلك فإن كوريا من أكثر الدول التي زرتها أمنا, حيث أنك تستطيع أن تسير بمفردك في أي مكان سواء ليلا أو نهار دون أن تخشى شيئا, و لعل لارتفاع المستوى الثقافي ورغد العيش دورا في ذلك.
الأسواق في كوريا تعد من أكبر الأسواق التي شاهدتها, و هي أسواق كبيره و متخصصة و لكنها غالية جدا و خصوصا أسواق الالكترونيات.و للعلم فقط فان بعض الأسواق تصل الى عشره طوابق وهو مالم أشاهده من قبل حتى في نيويورك وباريس.
من أهم مشاهداتي هو التقدير والاحترام الكبير الذي يحضى به كل شخص ذا مسؤولية من قبل مرؤوسيه,ولعل هذا العنصر تحديدا هو احد أهم الأسرار التي دفعت بكوريا الجنوبية من حاله الفقر العوز في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، حيث كانت تتلقى المساعدات الخارجية مثلها مثل الدول الفقيرة في أفريقيا, إلى دوله متطورة جدا و أكبر داعم حاليا لبرامج الغداء العالمي ، و هي تمتلك كل الإمكانات المادية و البشرية التي تتفوق بها على كثير من الدول ذات المصادر الطبيعية الكبيرة.
لقد أعطي التواجد الأميركي في كوريا منذ نهاية الحرب الكورية في العام( 1953م ) الأمن و الاستقرار للكوريين حيث كان الأمن الوطني مهمة أمريكية ، و تفرغ الكوريين لبناء بلدهم إلى ما هي علية الآن ، علما بأن الصناعات الدفاعية الكورية بدأت تدخل الأسواق العالمية بقوة و بجوده تنافسية عالية. و هم يقومون بتضييع المعدات العسكرية و لديهم الخبرات و الإمكانيات الكبيرة ، كما أن لديهم هيئه هامه و هي ((هيئه البحث و التطوير)) و يتوفر بها ((2500))عالم و مهندس يقومون بإعداد التصاميم المطلوبة في القوات المسحة الكورية ، ثم تطلب من الشركات الصناعية بتنفيذ تلك التصاميم ، وبعد عملية التصنيع تقوم هيئة أخرى(هيئة مطابقة الجودة) للتأكد من مطابقة المنتج مع التصاميم المعدة وبهذه الهيئة (530) عالم ومهندس متخصص. بالنسبة لهيئة البحث والتطوير فيتوفر لها عدد (36) معملا للتجارب وميدان واحد للتجارب ومركزا للمعلومات تمكنها من أداء عملها بالشكل المطلوب.


كوريا لديها تاريخ طويل وتراث جميل يأخذ حيزا كبيرا من اهتمام المسئولين وهم حريصين تماما على تعريف الأجانب بذلك التاريخ, كما أن المائدة الكورية غنية بجميع الأصناف من المأكولات ، ولكن للأسف فإنني لم استسغ ذلك الأكل على الرغم من محاولاتي لمجاملة مضيفي لكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل. فهم أولا يكثرون من استخدام الخنزير والفلفل الحار كما أنهم يستخدمون أوراق الشجر بكثرة ، وبالمناسبة فقد استفسرت أكثر من مرة عن مدى صدق مقولة أنهم يأكلون الكلاب وقد أتضح لي أن بعض الكوريون وليس كلهم يأكلون بعض الكلاب التي يعتقدون أنها غبية وغير نافعة في الحياة العادية.وطالما انه لا عمل لها فإن أكلها أفضل !!!! وقيل أنها لذيذة جدا ..

أخيرا فان كوريا بلد جميل وأجواءها جميلة جدا وخصوصا في الصيف والربيع والخريف أما الشتاء فهي باردة جدا, كما أن أعلامها وصحفها نظيفة جدا وتتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا, لأن العائلة تحظى باحترام كبير لدى الشعب الكوري ، وللعلم فإنه صدر قراراً أثناء وجودي هناك يسمح للنساء بلبس القصير ، وتم تحديده بأن يكون تحت الركبة ومع ذلك فإنك لا تشاهد أي مناظر مؤذية في الشارع الكوري.
المملكة كانت قد بنت مسجدا كبيرا على قمة تل هناك ويقوم بالإشراف علية بعض الباكستانيين والهنود. الديانة الرئيسة في كوريا هي المسيحية ثم تليها البوذية, وقد زرت معبدا بوذيا ومن ملاحظاتي هناك بأنهم يقومون بحركات تشابه الركوع والسجود الذي نقوم بها في صلواتنا.
التجربة النهضويه الكورية جديرة بالاهتمام ، ولديهم الرغبة الأكيدة لإيجاد علاقات متينة مع المملكة في كل الجوانب ، على الرغم من وجود علاقات قوية تجارية وسياسية وفي حقل الإنشاءات والبتروكيماوية والنفط ومحطات التحلية ، وهم من عرف عنهم الجدية والإتقان العالية.


الرياض25/10/1427هـ

ليست هناك تعليقات: