السبت، 17 يوليو 2010

رواية ترمي بشرر( كما رأيتها)





رواية طويلة تجاوزت صفحاتها ( 400 صفحة ) بقليل ، رصد فيها كاتبها "عبده خال" أحداث كثيرة ، كان خياله واسعاً في حبك تفاصيل القصة . كما انه تعب كثيراً في الترميز مع انه لم يلمح بشكل يقرب القاري من الوصول الى شخصية "السيد" المحور الرئيس لهذه الرواية ، الا أن بعض المواقف تجعل القارئ يفكر كثيراً في هوية ذلك السيد.... وذلك لما قام به من أدوار كبيره لا يستطيع القيام بها والهروب من الأنظمة والقوانين إلا شخصيات قليلة تحضي بوفرة في المال والسلطة والجاه......



تعدد اللقاءات الحميمة في الرواية ، وظهور الفحش في مواضع متعددة ، والسماح ببيع تلك الرواية في مجتمع محافظ كالمملكة يدل على تغير كبير في المزاج العام داخل البلد ، لأنه في السابق كان المنع حليف أي رواية تحتوي على مشهد واحد من أمثال تلك المشاهد الكثيرة والساخنة جدا في هذه الرواية ....بل أن الانحرافات السلوكية التي تناولتها الرواية تدل على وجود مشكلات كبيره داخل المجتمع السعودي ، يتم السكوت عنها لأسباب متعددة .



كذلك عالجت الرواية كيف ان عدد محدود من الأشخاص المنحرفين سلوكياً يتلاعبون بالقوانين وبسوق الأسهم دون رادع نظامي لهم ؟؟ كما أن تواطؤ بعض الجهات الحكومية مثل القضاء والمستشفيات والبلديات والمؤسسات الحكومية والبنوك التجارية تعد مشكله لا يمكن تناولها الا بطريقة الكاتب ، الذي استطاع ان يلمح ً بها إلى درجة التصريح وهو جهد رائع يحسب له بلا شك .



هناك نقاط هامه طرحت في ثنايا القصة يمكن عرضها كما جاءت دون تعليق ، وهي تعطي فكرة مبسطه عن كثير من محتويات الرواية ....مع انه سيتم التعليق على البعض ....



 الدين هو النفق الذي يسلكه الجميع لبلوغ الغايات النبيلة والحقيرة ...(ص 19) .



 الحياة يصنعها المعتوهون والمرتشون واللصوص والوصوليون والقوادون والزناة واللوطيون وطالبوا السلطة وحائكو المؤامرات ...(ص 20) .



 فكرة ان تحج جدة عيسى على ظهره عقاباً من أبيه على سرقته صيغتها...فكرة     جديدة للعقاب ...(ص 74) .



 عدم حصول قتلى الحرم عام (1400)على دية او تعويض ..معلومة غريبة .



 " ولكي يقنع من حوله مكث لأيام يفرك جبهته على ارض رمليه أبقت أثرا للسجود ، وأطلق لحيته النابتة بعشوائية ، وقصر ثوبه إلى منتصف ساقه ، وتعمد رفع أذان الظهر في أول يوم دخل فيه إلى مدرسته الجديدة " (ص 86) . جاء ذلك في وصف ما قام به أسامه لإيهام الناس بتدينه .... هل هذه الصورة منتشرة داخل مجتمعنا ؟؟؟ مع اختلاف الأسباب ....



 (ص 103.102.101) شرح الكيفية تنفير بعض المشايخ والدعاه لمن رغب في العودة إلى الله ، حيث يتم سرد روايات تحطم عزيمه الراغبين في التوبة ...ليعودوا من حيث أتوا ...



 " كم من فتاة وجدت ملاذا في القصر ، بعضهن قبض عليهن في مغامراتهن الأولى ، وبعد خروجهن من السجن لم يجدن طريقاً رحيما سوى البغاء "... هي نفس فكرة رواية [نساء المنكر] للكاتبة "سمر المقرن" حيث يلفظ المجتمع والأهل من زلت بها قدمها فتمتهن أعمالا غير شريفة بقية حياتها .. كيف يمكن أن يكون توارد الخواطر بين الكتاب في طرح بعض القضايا المسكوت عنها ؟



 "قرر أن يقوم بنفسه بتوزيع الهبات والصدقات ، فتحلقوا عليه وكادوا يمزقون جسده ، وهو يتوسطهم وينشر أوراق ماليه فوق الرؤوس ، هذه المتعة قادته بأن يتحول إلى محسن يوزع تبرعاته للجمعيات الخيرية ودور العجزة والمسنين ، ويحرص على ان تتواجد الصحافة في كل زيارة يقوم بها " ... كم لدينا محسنين من هذه النوعية ؟؟



 " كما تجيد المرأة الطهو ونثر البهارات بمقدار .. تجيد نشر الحب بمقدار أيضا ، أظنها لعبت الدورين ، لعبت العاشقة لعاشقين ومن يصل إليها توهمه انه الرجل الوحيد الذي هفا له قبلها "



 "غدا سفك دم العذارى المتعة التي توصل زوار قصره إلى قمة النشوة ، خيط دم يسيل على الفخوذ ، فيحرك الفرح الراكد في تلك النفوس ، بينما الدم المسفوك على الخارطة العالمية هو دم فاسد جالب للكرب ".... كلام خطير .. والتفكير فيه يوصل إلى حالة من القنوط واليأس من فوضى عالم اليوم ..



 " انطلق في زيجات متتالية وغير موفقة فكلما أقتعد حوض إمرأه من نسائه جفلت لذبول همته ، ونشاطه إبهامه الزائد " (ص 334) ...لا تعليق !!!



 " الأسرار لا تدفن في صدور النساء فصدورهن كفروجهن تنتظر التخصيب دوما لتلفظ ثمرتها للخارج " ...( ص 350) ...الى أي مدى يصدق هذا الافتراض ...؟؟ الذي قد يكون مجحفا بحق حواء ...



 " ليس لدينا شواهد قبور لنعرف أسماء الموتى ومواقعهم ، هنا ندس الجثة وندس تاريخها " ....(ص 353)



 قلبت ألبومه فوجدت مكان صوره امه صوره للمطربة اللبنانية هيفاء وهبي ، واسفل منها عبارة (ست الحبايب) ...فصاحت به هذه أمك يا كلب ( محاولا إصباغ شتيمتي بصفة ممازحة ) .. لا بس عيب اضع صوره امي "(ص 374) [ثقافة مجتمع].



 "يأتي إعصارا يلوب تربتها ويمضي ، ومع انتهاء وطره منها يمنحهما ظهره ، زاجراً وناهراً ان تمسه وموصيا إياها إيقاظه لصلاة الفجر قبل الوقت بنصف ساعة ... كان يستخدمها كمنبه ومرحاض" (ص 402)...تشبيه عجيب ...



على كل حال ...الرواية مليئه بالصور والتلميحات ، استخدم الكاتب لغة ومفردات راقيه في سردها بحرفيه عاليه ، ربما ان طول الرواية هو من اهم المواضيع التي تجعل القارئ يمل القراءة ، في نهاية الرواية تم عرض سيرة (35) من نساء القصر ... تستاهل الروايه الجوائز التي حصلت عليها ، كما انها جديره بالانتقادات التي شنت عليها ...ويستحق الكاتب الاشاده ...كلها تناقضات تجمعت في هذه الروايه ...





محمد الجديعي (الرياض 05 شعبان 1431هـ)

ليست هناك تعليقات: