الخميس، 18 نوفمبر 2010

أيها اهم للأمن الوطني النمو الاقتصادي او القوة العسكرية؟




وانا اتصفح العدد الجديد من المجلة الرائعة (فورين افيرز [FOREIN AFFAIRS]) في عدها الأخير (نوفمبر ، ديسمبر 2010) قرأت مقالا طويلا للكاتب (ليزلي جلب [Leslie H Gelb]) بعنوان (حاليا ..الناتج المحلي اكثر اهمية من القوه العسكرية )(GDP Now Matters More Than Force) ، وقد رأى الكاتب ان التركيز في معظم دول العالم اليوم هو على النمو الاقتصادي والرفع من الناتج القومي على عكس الولايات المتحدة التي يرى انها غير مهتمة بهذا الجانب لاستمرار التركيز على القوة العسكرية وذلك لدعم الأمن الوطني فيها .

وكما هو معلوم فان المصالح الوطنيه للدول تتحقق من خلال استخدام عناصر قوتها الوطنية المختلفة ، التي تتركز عاده في (القوه الاقتصادية ، القوه الدبلوماسية ، القوه الاعلاميه ، والقوه العسكرية ) وفي أحيان كثيرة تستخدم اكثر من وسيله لتحقيق نفس الهدف ، وقد تم تصنيف القوه العسكرية بالقوة الخشنة ، وما عداها سميت بالقوه الناعمة)...وهي القوى التي تجذب دول ومجتمعات للاقتداء او السير في الاتجاه المطلوب او لردع قوى أخرى من الاعتداء على المقومات الوطنية وتحقيق المصالح الوطنية .

الكاتب (ليزلي) يرى ان القوة الاقتصادية أكثر جذبا للدول الأخرى من أي قوة أخرى ، واستشهد بقوة الصين الصاعدة ، وكيف استطاعت القدرات الصناعية الصينية من جذب الكثير من الدول لها ، وعلى العكس فانه على الرغم من وجود قوة اقتصادية هائلة للولايات المتحدة ، فإنها لم تسخرها لتحقيق مصالحها .

والحقيقة انني ارى ان التاريخ يبين ان وجود نمو اقتصادي وثروات متنوعة في بلد ما .. قد يكون مهددا امنيا خطيرا اذا لم يتوفر له قوة عسكريه تحميها من الطامعين او من الباحثين عن مجالات حيوية خارج حدود بلادهم ، بدليل ان جميع القوى التي تغزو او تهدد الغير حدثت لأسباب اقتصاديه في المقام الأول ، أو محاوله للحصول على امتيازات ومصالح اقتصاديه لدى الدول التي يمكن مهاجمتها او إرغامها بالقبول بوضع معين .

فمثلا في اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، وفي كوريا الجنوبية بعد الحرب الكورية ..تواجدت قوات أمريكية ولا تزال على أراضي كل منهم ، وقد استطاعت تلك القوات تحقيق الردع لأي قوي قد تهدد الأمن الوطني لتلك الدول ، مما ساهم في ان تتفرغ تلك الدول لبناء نفسها صناعيا وتقنيا مما جعلها اقوي الاقتصاديات في العالم اليوم ، واكبر الداعمين لمشاريع الأمم المتحدة التنموية في كل أرجاء المعمورة .

في الصين البلد كبير المساحة والأكثر سكانا في العالم نشأت قوه اقتصاديه كبيره من خلال التصنيع ، مما اكسبها ثقلا كبيرا في منظمة التجارة العالمية ، وجعل لها هيبة من نوع جديد بحيث أصبحت جميع الدول تخشى اي نزاع تجاري او مالي او غيره معها ، كما ان منتجاتها غزت جميع أسواق العالم مع ان لها نزاعات حدودية متعددة مع الكثير من جيرانها ، وهي تسعى الى ان لا تدخل في صراعات عسكريه مع اي دوله لمعرفتها بالعواقب والتي قد تنعكس سلبا على الاقتصاد الصيني ، مع ان الجيش الصيني هو الأكثر عددا في العالم حيث يصل تعداد الجيش النظامي (2.255.000) فرد ، والاحتياطي (1.200.000).

عند النظر في موضوع كهذا وللإجابة على التساؤل الوارد في البداية ، فانه يجب اولا تحديد الدولة محل التحليل ..لأن القوى الوطنية تختلف باختلاف الدولة ، وما ينطبق على دولة كالولايات المتحدة او الصين او روسيا لا يمكن ان ينطبق على دول اصغر واقل قدرات ، وقد يكون بها ثروات طبيعية تغري قوى أخرى ، كذلك فان التهديد للدول العظمى لا يتجاوز بعض الأعمال الإرهابية التي تشن على أراضيها ، وتلك الدول قد تكون مصدر تهديد لدول أخرى لأسباب متعددة ، اما بالنسبة للدول الصغرى فان مصادر التهديد متنوعة ، سواء كانت داخلية او خارجية ..وليس امام تلك الدول سوى البحث عن قوة عسكرية رادعة او عقد اتفاقات أمنية ضامنة لأمنها الوطني ...بصرف النظر عن التكاليف المادية التي قد تكون باهظة ....

محمد بن يحي الجديعي (18/11/2010م....الموافق....12/12/1431هـ)

هناك تعليق واحد:

ابو عبدالرحمن يقول...

اتفق معك في ما ذكرت ، واضيف انه لتقرير هل الاقتصاد ام القوة العسكرية اهم للامن الوطني فلا بد من دراسة البيئة الداخلية والاقليمية والعالمية بالنسبة للدولة المعنية وربط ذللك بمصالحها وأهدافها الوطنية فاما يكون الاقتصاد اهم او الاثنين او القوة العسكرية أهم، مثلا ما هو الاهم لدولة مثل هاييتي( من أفقر عشرين دولة في العالم) أو لدولة مثل الولايات المتحدة(الاقتصاد الاقوى في العالم)، ولكن السؤال هل النمو الاقتصادي ضروري لتدعيم القوة العسكرية أو تطوير القوة العسكرية ضروري للمحافظة على القوة الاقتصادية، فمثلا الصين وفي ظل نموها الاقتصادي المتسارع من الطبيعي أن يشكّل الدفاع عن خطوط النقل البحرية من وإلى الصين عنصرا أساسيا في المكون العسكري للمنظور الإستراتيجي للصين، ففي الورقة الدفاعية الصينية البيضاء الصادرة عام 2006(حسب ما ذكره المعهد الكندي للدفاع والشؤون الخارجية )، صرّح عدد من القادة العسكريون والإستراتيجيون الصينيون بأنّ لدى الصين رغبة في ممارسة نفوذ يتجاوز نطاقه مضيق تايوان ويمتد لتأمين ممر آمن لوسائط النقل البحرية الصينية،،،ولذلك تسعى الصين الى تقليص حجم قوتها البرية لصالح قوتها البحرية لتامين وسائط النقل البحرية الصينية وبالتالي المحافظه على قوتها الاقتصادية . .......وشكرا